مارو الحزينه عضو مميز
المساهمات : 2146 تاريخ التسجيل : 26/01/2010
| موضوع: سيرة الأنبا بولا أول السواح السبت يناير 30, 2010 4:38 am | |
| الأنبا بولا اول السواح كان لهذا القديس أخ أكبر اسمه بطرس، وقد ورثا عن أبيهما ثروة طائلة، وأراد بطرس أن يأخذ ثلثي الميراث ويعطي لأخيه الثلث، فرفض أخوه هذا الظلم وطلب أن يذهبا إلى القاضي. وكان عمره حينئذ خمسة عشر عاما. وفي الطريق إلى القاضي وجدا جنازة كبيرة، فسأل بولس (أنبا بولا) عن هذا الميت الذي يودعه وينوح عليه الكثيرون هكذا، فعلم أنه كان رجلا غنيا جدا، وها هم يخرجونه اليوم من العالم تاركا كل ممتلكاته، كما أنه مات غارقا في خطاياه! فلما سمع بولس ذلك انتبه إلى نفسه وانكشفت له حقيقة العالم فصار أمامه كلا شيء، فقال لأخيه: [ارجع بنا يا أخي]. فتعجب أخوه، وبينما هما في طريق رجوعهما إلى البيت توارى بولس عن أخيه ولم يعلم كيف اختفى. فأرسل بطرس مناديا ينادي عليه ثلاثة أيام في المدينة ولم يجده، فمزق ثيابه وحزن عليه زمانا طويلاً أما بولس فقد وجد مقبرة في غربي المدينة فأقام فيها ثلاثة أيام يصلي بتضرعٍ إلى الله، وفي اليوم الرابع أرسل الله إليه ملاكا مضى معه إلى موضعٍ فيه عين ماء وبقربها نخلة. وهناك وجد مغارة عاش فيها، وصنع لنفسه ثوبا من الليف، وانفرد هناك حتى اليوم الذي سلم فيه روحه بيد الرب، إذ إنه طلب من الرب أن يخلصه من يد العدو في هذا المكان المقفر ويقويه حتى يكمل سعيه مرضيا أمامه إلى اليوم الذي يقف فيه بين يديه. وقيل إن أنبا بولا عاش حياة سماوية على الأرض لمدة ثمانين سنة. ولما اقتربت نهاية حياته على الأرض، كان في ذلك الوقت القديس أنبا أنطونيوس في سن الـ 90 يعيش في نفس البرية وخطر له يوما أنه أول من سكن البرية، فأتاه صوت من السماء قائلا: ”هوذا واحد يسكن في البرية وهو مختار بالأكثر، وهذا العالم كله لا يستحق موطئ إحدى قدميه، ولأجله يبارك الله الأرض فتعطي ثمرها“. فلما سمع أنبا أنطونيوس ذلك قال: ”حي هو إلهي ومبارك إنني لا أرجع حتى أنظر هذا القديس“. اعتمد الأب الوقور على الرب، وقام في شيخوخته هذه وسار متوكئا على عكازه دون أن يعلم إلى أين يذهب، ولكنه توغل في الجبل نحو المشرق حتى وصل إلى وادٍ عميقٍ (كان يدعى “بحيرة مريم“)، وهناك حاولت الشياطين أن ترعبه بمناظر وحوش أو شعلات نار صاعدة إلى السحاب، ولكنه تمسك بعلامة الخلاص التي عندما كان يرشم بها ذاته كانت تختفي هذه المناظر من أمامه. وعند غروب الشمس رأى على الأرض أثر إنسان (جرة القدمين) مع آثار وحوش كثيرة، فقال: ”الآن علمت أن الرب لم يترك عبده“، وسار على أثر القديس حتى وصل إلى مغارة الشيخ الطوباوي، وعند بابها سمع القديس بولا يصلي، ثم لما سمع حركة إنسان دحرج حجرا كبيرا على باب المغارة، ولكن أنبا أنطونيوس ارتمى على الأرض عند الباب قائلا: ”أنت تعرف من أنا ومن أين ولماذا أتيت! وأنا لست مستحقا أن أتطلَّع إليك، إلا أنني إن لم أرك فلن أرجع أبدا. ها أنت تستضيف الوحوش، فلماذا لا تستضيف إنسانا؟! لقد سألت فأعِطي لي، طلبت فوجدت، وها أنا أقرع لعله يفتح لي. ولكنني إن لم أفلح فسأموت هنا على عتبة مسكنك، وحينئذ لا أشك أنك ستدفنني“. فأجاب القديس من الداخل: ”لا يجب على السائل أن يلح في طلب الأمور التي يسعى إليها، ولا يضيق صدره“. ثم فتح له، وقبلا بعضهما بعضا، وصليا وجلسا، فسأله أنبا أنطونيوس عن اسمه، فأجابه الطوباوي: ”إن كنت لا تعرف اسمي فلماذا تتعب نفسك بالسير في هذه البرية“؟ | |
|