الأنبا أنطونيوس أب الرهبان ولد 251م – له أخت وحيده أكبر منه سناً تدعي ديوس – مات ابواه وهو في سن الـ 18 – كان يمتلك 300 فدان ورثاً عن أبواه – تنيح القديس الانبا انطونيوس عام 356
١- قيل عن القديس أنطونيوس : إنه كان من أهل صعيد مصر من جنس الأقباط، وسيرته عجيبة طويلة، فلنذكر اليسير من فضائله: إنه لما توفي والده دخل عليه وتأمله، وتفكر كثيرا وقال: ”تبارك
اسم الله، أليست هذه الجثة كاملة ولم يتغير منها شيء البتة إلا توقف هذا
النفس الضعيف؟! فأين هي همتك وعزيمتك وأمرك وسطوتك العظيمة وجمعك للمال؟
أرى أن الجميع قد بَطُل وتركته، فيا لهذه الحسرة العظيمة والخسارة الجسيمة“! ثم نظر إلى والده وقال: ”إن كنت أنت قد خرجت من العالم بغير اختيارك فلا أعجبن من ذلك، بل أعجب أنا من نفسي إن عملت كعملك“ … ثم إنه لهذه الفكرة الواحدة الصغيرة ترك والده بغير دفن وترك كل ما خلفه من مال ونعيم وخدم وحشم وخرج تائها (هائما) على وجهه قائلا: ” أخرج أنا من الدنيا طائعا ولا يخرجونني مثل أبي كارها “ …
وظلَّ سائرا حتى وصل إلى شاطئ النهر،
فوجد هناك جميزة كبيرة وعندها بربا فسكن هناك ولازم النسك العظيم والصوم
الطويل وكان بالقرب من ذلك الموضع عربان فاتفق في يوم من الأيام أن امرأًة
جميلة الصورة من العرب نزلت مع جواريها إلى النهر لتغسل رجليها، ورفعت
ثيابها وكذلك جواريها، فلما رآهن أنطونيوس حول نظره عنهن وقتا ما ظناً منه
أنهن يمضين، لكنهن بدأن في الاستحمام، فقال لها القديس: ”يا امرأة أما تستحين مني وأنا رجل راهب ؟“ أما هي فقالت له: ”اصمت يا إنسان، من أين أنت راهب؟ لو كنت راهباً لسكنت في البرية الداخلية، لأنه ليس ههنا مسكن رهبان“!
فلما سمع أنطونيوس هذه الكلمة لم يرد عليها جواباً، وكثر تعجبه لأنه لم يكن في ذلك الوقت قد شوهد راهب ولا عرف اسمه، فقال لنفسه: ”هذه الكلمة ليست من هذه المرأة، بل هذا هو صوت ملاك الرب يوبخني“. ولوقته ترك ذلك الموضع وهرب إلى البرية الداخلية
وأقام بها متوحدا، لأنه لم يكن في ذلك الموضع أحد غيره في ذلك الوقت،
وكانت سكناه في قريةٍ عتيقةٍ مندثرةٍ في جبل العربة، صلاته تكون معنا آمين.
٢- ذكر القديس أثناسيوس في كتابه ”حياة القديس أنطونيوس“ قصة ترك أنطونيوس للعالم هكذا:
بعد وفاة أبيه وأمه ترك وحيدا مع أختٍ واحدة صغيرة تدعي ديوس،
وكان عمره ١٨ أو ٢٠ عاما، فألقيت عليه مسئولية العناية بالبيت والأخت، ولم
يمضِ على وفاة والديه 6 أشهر حتى ذهب ذات يومٍ كعادته إلى بيت الرب، وفي
ذلك اليوم ناجى نفسه وتأمل وهو سائر كيف أن الرسل تركوا كل شيء وتبعوا
المخلِّص(مت 20:4)، وكيف ُذكر عنهم في أعمال الرسل أنهم باعوا ممتلكاتهم وأتوا بأثمانها ووضعوها عند أرجل الرسل لتوزيعها على المحتاجين (أع 34:4-35)، وكيف وضع لهم رجاءٌ عظيم في السماء.
وإذ كان يتأمل في هذه الأمور دخل الكنيسة، وأثناء قراءة الإنجيل سمع الرب يقول للغني: “إن أردت أن تكون كاملا فاذهب وبِع أملاكك وأعطِ الفقراء وتعال اتبعني فيكون لك كنز في السماء” (مت 2:19)، وكأن الله قد ذكَّر أنطونيوس بالقديسين، ممتلكات آبائه، وكانت 300 فدان من أجود الأراضي، لكي لا تكون عثرًة في سبيله هو وأخته، وباقي المنقولات باعها، وإذ توفرت لديه أموال كثيرة أعطاها للفقراء محتفظا بالقليل لأخته، دخل الكنيسة ثانية، وسمع الرب يقول في الإنجيل: “لا تهتموا للغد” (مت 34:6) فلم يستطع البقاء أكثر من ذلك، بل أعطى ذلك القليل أيضا للفقراء،