إذ أحب سليمان الحكيم الطبيعة انطلق من وقت إلى آخر إلى حدائقه وأحيانًا إلى شواطئ النهر كما إلى الجبال والبراري، وكان يراقب بشيء من الاهتمام الحيوانات والطيور والأسماك حتى الحشرات، حيث يرى في تصرفاتها اهتمام اللَّه بها وما وهبها من حكمة خلال الغرائز الطبيعية
لفت نظره نملة صغيرة تحمل جزءً من حبة قمح أثقل منها، تبذل كل الجهد لتنقلها إلى جحرٍ صغيرٍ كمخزنٍ تقتات بها. فكر سليمان في نفسه قائلاً: "لماذا لا أُسعد هذه النملة التي تبذل كل هذا الجهد لتحمل جزءًا من قمحة؟ لقد وهبني اللَّه غنى كثيرًا لأسعد شعبي، وأيضًا الحيوانات والطيور والحشرات!"
أمسك سليمان بالنملة ووضعها في علبة ذهبية مبطنة بقماشٍ حريريٍ ناعمٍ وجميلٍ، ووضع حبة قمح... وبابتسامة لطيفة قال لها: "لا تتعبي أيتها النملة، فإنني سأقدم لكِ كل يوم حبة قمح لتأكليها دون أن تتعبي... مخازني تُشبع الملايين من البشر والحيوانات والطيور والحشرات". شكرته النملة على اهتمامه بها، وحرصه على راحتها.
وضع لها سليمان حبة القمح، وفي اليوم التالي جاء بحبة أخرى ففوجئ أنها أكلت نصف الحبة وتركت النصف الآخر. وضع الحبة وجاء في اليوم التالي ليجدها أكلت حبة كاملة واحتجزت نصف حبة، وهكذا تكرر الأمر يومًا بعد يوم...
سألها سليمان الحكيم: "لماذا تحتجزين باستمرار نصف حبة قمح؟" أجابته النملة: "إنني دائمًا احتجز نصف الحبة لليوم التالي كاحتياطي. أنا أعلم اهتمامك بي، إذ وضعتني في علبة ذهبية، وقدمت لي حريرًا ناعمًا أسير عليه، ومخازنك تشبع البلايين من النمل، لكنك إنسانٌ... وسط مشاغلك الكثيرة قد تنساني يومًا فأجوع، لهذا احتفظ بنصف حبة احتياطيًا. اللَّه الذي يتركني أعمل وأجاهد لأحمل أثقال لا ينساني، أما أنت قد تنساني!"
عندئذ أطلق سليمان النملة لتمارس حياتها الطبيعية، مدركًا أن ما وهبه اللَّه لها لن يهبه إنسان
ياريت تكون القصة عجبتكم وافادتكم