الإبن الضال ( الشاطـر )" أقوم وأذهب إلى أبى " ( لو 15 : 18 )
[right]
+ عبارة قالها الأبن الضال ، بعدما تعب من ابتعاده عن بيت أبيه الحنون ، فى صحبة الشيطان وأعوانه الأشرار .+ واشتهى الرجوع اليه ، بعدما ذاق مرارة الألم والجوع ، وهى نتيجة حتمية لعدم التفكير السليم ، والسير وراء الشهوات والأهواء الفاسدة ، وهذا ما يفعله دائماً غير الحكماء .
+ واعترف بأنه أخطأ وانحمق ، وجنى ثمار ما صنع ، إذ لا يمكن أن يحصل من الشوك عنباً ، وأن الخطية تجلب التعب والشقاء والمرارة للنفس .
+ " أقوم وأذهب " ليته يكون هو نفس صوت كل قلب تعبان الآن ، قبل استفحال نتائج الشر ، وقبل الأصابة بالعديد من الأضرار .
+ وليته يكون هو نفس شعور الذين يتركون الكنيسة ( بيت الله والمستشفى الروحى ) إلى المقاهى والملاهى والمراقص والحانات ، مع أصحاب الشيطان ، اللاهين عن خلاص نفوسهم .
+ وليته يكون صوت ضمير ، كل من يعيش فى كورة بعيدة ، فى حياة غير سعيدة ، لأنه مقيد بالعادات الفاسدة ، واسير لها ، ويشعر بقسوة شديدة من تلك القيود وذلك الأسر .
+ وما شأنى وهذا الجوع ، وأبى غنى ؟ وما أشد حاجتى للطعام وللشراب ، وهو موجود مجاناً فى بيت أبى ( الآب ) ؟! وبدلاً من الوقت الضائع هباء ، فى اللهو والسهر ، وتعب الجسد ( اهلاك الصحة ) ، بلا ثمر !! فمن الأفضل - ولصالحى – الرجوع الآن إلى أبى وبيته .
+ وإن كانت الخطية قد افقدت الشاب الطائش وعيه ، فقد عاد إلى صوابه ، واستيقظ ضميره ، وبكته على الحرية الزائفة .
+ وقد استخدم مال أبيه ، فى عيش مُسرف ، وأتلف به جسده .
+ فالمال هو مال ( أبيه ) الله ، ولكن الخاطئ لا يُفيد به نفسه وأهله ، بل يستخدمه إبليس لضلاله ، وإتلاف صحته ( بالإدمان ) وضياع حياته ( جا 7 : 17 ) بسرعة جداً ، كالشباب الطائش والمنحرف .
+ ألاَ تعلم أن المال نعمة ونقمة ؟! وهل تستخدمه فى عمل الخير لك وللغير ؟! أم تستخدمه للضرر لك ولغيرك ، وتجلب لنفسك العوز والجوع والمرض ؟!
+ لماذا تسير عرياناً ، ولديك ثياب النعمة ؟ ولماذا تشتهى طعام الخنازير ، ولديك غذاء الروح ، ودواء للنفس ، وعزاء للقلب ؟!
+ قل " أقوم الآن " لأن العمر غير مضمون ، فكم من عشرات الألآف من الشباب غير الحكيم ، سمعوا الكثير من العظات ، وكثير من كلام المرشدين الحكماء والعقلاء ، لكنهم أطاعوا شيطان التأجيل ، وربما مات بعضهم فجأة ، ومضوا إلى الجحيم ، بصحبة الشياطين ، والمثل العامى يقول : " والمخالف دايماً حاله تالف " .
+ " ارجع لنفسك " ( كما رجع لنفسه الأبن الضال ) ، بدلاً من الأستمرار فى الطريق الذى يغضب الله ، ويجلب لك ولمن حولك وجع القلب والتعب والشقاء . + فما أحلى الجلوس مع النفس ، ومحاسبتها قبل يوم الحساب الشديد ، ونتيجته ستكون حتماً من جنس عملك .
+ قال القديس أبو مقار الكبير : " أحكم يا أخى على نفسك ، قبل أن يحكموا عليك " (يوم الدين ) .
+ وقال القديس الأنبا أنطونيوس : " إن أعظم شيئ أن يرجع الإنسان بالملامة على نفسه " ( بدلاً من إلقاء مسئولية الإنحراف على الغير ) ، وهذا تدريب عملى مناسب لك ، من الآن .
وعود نفسك أن تدرس وتفحص نفسك باستمرار ، وأن تستشير الأباء والمرشدين الروحيين والحكماء ، قبل إتخاذ أى قرار ، حتى تفرح وترتاح ، وتريح من حولك .