كان الأب الكاهن يدرس العظة التي سيلقيها في قداس عيد الميلاد، وبينما هو جالس إلى كتبه أخذته غفوة من النوم فرأى حلما ً عجيبا.... رأى وإذا بالعالم لم يأت يسوع إليه ، وتأمل في بيته وإذا رب المجد يسوع المسيح لا يوجد فيه لأنه لم ينزل إلى العالم ، وشوارع المدينة لا تبدو عليها بهجة الأفراح التي كانت ترفل فيها في عيد الميلاد والأولاد لا يضحكون ولا يمرحون ولا يلعبون، والمتاجر والمصانع والمصالح لا أجازات فيها . بل الكل منهمكين في أعمالهم غارقين في أفكارهم كبقية أيام السنة .... وليس هناك كنائس، ولا قباب عالية ، أو أبراج تتوجها الصلبان .... المسيح غريب عن الناس ... غير معروف في العالم ولم يسمع به أحد مطلقا
واستمر الأب الكاهن يتنقل في حلمه من مكان إلى مكان وأخيرا استدعوه إلى بيت إمرأة تحتضر ، فأسرع مع ولدها الباكي هناك ، ولما جلس إلى جوار سريرها ابتدأ يتحدث إليها فقال ( أيتها الأبنة ، عندي لك كلمات معزية ومباركة ... وفتح كتابه ليقرأ لها منه ، ولكنه للأسف لم يجد فيه أثر للعهد الجديد ... إن أخر سفر في كتابه المقدس هو سفر ملاخي ، فالمسيح لم يأت إلى العالم ... حاول أن يتحدث إلى المرأة عن أية مواعيد مجيدة ، ولكن لا مواعيد حيث لا مسيح ولد تعزية حيث لا يوجد يسوع
وأخيرا أحنى رأسه وفي عينيه دموع غزيرة ... دموع اليأس القاتل . وبعد أن مضى من البيت بوقت قليل ، أستدعوه مرة أخرى لأن المرأة كانت قد ماتت فطلبوا منه أن يصلي في جنازتها ، ووقف المسكين يتكلم وأمامه جسد المرأة التي غادرت الحياة ... لكنه لم يتحدث عن قيامة الأموات ، ولا عن السماء المفتوحة لإستقبال المفديين الى كنيسة الأبكار ، ولا عن أمجاد بيت الآب ، كل هذا لأن يسوع لم يأت إلى العالم .... إنما كل ما قاله هو : تراب وإلى التراب قد عادت ، ورماد وإلى الرماد قد رجعت ... فهذا فراق ... فراق طويل أبدي لا أحد يعرف مداه ولا مضمونه
نعم لأن المسيح لم يأت ، ولم يحدث أنه أنار الحياة والخلود وعند هذا الحد لم يستطع الكاهن أن يحتمل أكثر فأنفجر في البكاء لأن المسيح لم يات إلى العالم . وإذ به يستيقظ من نومه على صوت إبنته الصغيرة وهي تردد ترنيمة " في مزود البقر . كان نايم مبسوط ..." فشكر الرب على نعمة مجيئه إلى العالم