كان بطرس والتلاميذ الآخرون في ظرف ضيق وصعب جدًا. السفينة معذبة من الأمواج والريح كانت مضادة؛ هل سيصلون إلى الشاطئ سالمين هل كان قبولهم دخول السفينة صوابًا هل مسلكهم صحيح بينما كل شيء معاكس لهم أ ليست هذه الأسئلة وأمثالها تهاجمنا مثلهم ونقول كثيرًا كما قالوا: «إن الريح مضادة»، ومن الجهة الأخرى إذا ما صادفنا التوفيق ـ كما نفهمه نحن ـ أ لسنا على استعداد لأن نفتكر أننا في طريق الرب لا ريب «وللوقت ألزم يسوع تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوه إلى العبر»؛ هذه الكلمات لا تدع مجالاً لأقل شك في أنهم في الطريق الصحيح، ورغم ذلك دخلوا في أصعب المواقف الحرجة. فلنتعلم إذًا أن لا نفتكر أن الضيقات أو عدمها برهان على أن المؤمن في الطريق الصحيح أو العكس. فمن الممكن جدًا أن يكون أخ غير أمين في تعامله مع الناس وتكون تجارته ناجحة ومكاسبه كثيرة. أو قد تظن أخت أن حياتها تكون سعيدة وهناءتها الزوجية موفورة إذا هي قبلت الزواج من شخص غير مؤمن أحواله مرتّبة وظروفه موفّقة. كلاهما ليس في طريق الرب. إن كلمة الرب تحرِّم عدم الأمانة كما تحرِّم الخضوع لنير متخالف. وكلمة الله هي الدستور الوحيد للسلوك وكل ما يتعارض معها لا يمكن أن يكون من الرب.
ونحن إذا ما وجدنا أنفسنا في طريق تحققنا أنه الطريق الصحيح فلا تذهب نفوسنا بعيدًا بسبب الضيقات التي تُحيطنا فيه، ولا نَدَع أفكارنا عنها تسلبنا يقيننا بأنها طريق الرب. والرب لم يَعِد خاصته قط بحياة هادئة خالية من الكفاح والجهاد والضيق، لكنه وعدهم بأنه معهم في وسط الصعوبات وحصنٌ لهم في يوم الغيم والضباب.
أيضًا في تلك القصة نرى التلاميذ يقضون حوالي تسع ساعات في البحر جذَّفوا أثناءها حوالي ثلاثين غلوة (4 كيلومترات) رغم اشتداد الريح المضادة ( يو 6: 19 ). فهيا أيها الإخوة إلى المجداف، وثبّتوا أيديكم عليه حتى ولو كانت الريح مضادة. «تحتاجون إلى الصبر»، وقد يكون الآن هو الهزيع الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع من الليل، فإن الرب يسوع سوف يأتي وفي إثره المعونة والغوث، يأتي ويطأ بقدميه رؤوس الأمواج الثائرة المتحفزة لابتلاعنا لأن القوات التي ضدنا تحت سلطانه وتخضع في الحال لكلمة واحدة يقولها. ليتنا لا ننسى هذا.
--------------------