الشخص
المملوء بالسلام لا يقلق، ولا يضطرب، ولا ينزعج مهما كانت الأمور ضاغطة من
الخارج. إن سلامه لا يعتمد على الظروف الخارجية، وإنما يعتمد على ثقته
بحفظ الله ورعايته وثقته بوعود الله.
مادام الله موجوداً، ومادام يعمل ويحفظ، إذن لا داعى للخوف، لهذا قال
داود النبى: "إن سرت فى وادى ظل الموت، لا أخاف شراً، لأنك أنت معى، عصاك
وعكازك هما يعزياننى" (مز 22). إن مصدر سلامه هو شعوره أن الله معه.
تعب التلاميذ، حينما كانوا فى السفينة، وظنوا أن الرب نائم، بينما
البحر هائج، لهذا فقدوا سلامهم، كان العامل المسيطر هو الظروف الخارجية،
والإحساس بعدم عمل الرب، فقام وانتهر الريح، وأعاد إليهم سلامهم.
كونوا ثابتين من الداخل، راسخين فى إيمانكم، حينئذ لا تهزكم الظروف
الخارجية، مثل البيت المبنى على الصخر، تعصف به الريح والأمطار، فلا تقدر
عليه، لأنه ثابت من الداخل.
السفينة السليمة تحيط بها الأمواج الشديدة وتلطمها فلا تؤذيها، ولكن
متى تتعب السفينة؟ تتعب حينما يوجد بها ثقب يوصل الماء إلى داخلها... فهل
يوجد ثقب داخل نفسك يجعل المياه تتسرب إلى نفسك فتغرقها..
القديس الأنبا أنطونيوس كان مثلاً للسلام القلبى، قال عنه القديس
أثناسيوس الرسولى: "منَ مِن الناس كان مر النفس ومضطرب الخاطر، ويرى وجه
الأنبا أنطونيوس إلا ويمتلئ قلبه بالسلام"