فائدة الصوم للجسد
للصوم فوائد عديدة للجسد منها:1- الصوم فترة راحة لبعض أجهزة الجسد.
إنها فترة تستريح فيها كل أجهزة الخاصة بالهضم والتمثيل كالمعدة والأمعاء
والكبد والمرارة هذه التى يرهقها الأكل الكثير والطعام المعقد فى تركيبه
وبخاصة الأكل المتواصل أو الذى فى غير مواعيد منتظمة
أما فى الصوم ففى خلال فترة الإنقطاع تستريح أجهزة الجسم هذة وفى تناول الطعام تصلها أطعمة خفيفة لا تتعبها
2- الطعام النباتى يريح من مشكلة الكولستيرول.
ما أخطر اللحوم بشحومها ودهونها فى إزادة نسبة الكولستيرول فى الدم وخطر
ذلك فى تكوين الجلطات حتى أن الأطباء يشددون جدا فى هذا الأمر ويقدمون
النصائح فى البعد عن دسم اللحم والبيض والسمن وما إلى ذلك حرصا على صحة
الجسد وبخاصة بعد سن معينة وفى حالات خاصة.
3- بالصوم يتخلص الصائم من السمنة والبدانة والترهل.
هذة البدانة التى يحمل فيها الإنسان كمية من الشحوم والدهون ترهقه وتتعب
قلبه الذى يضطر أيضا أن يوصل الدم إلى كتل من الأنسجة فوق المعدل الذى
أراد له الله أن يعوله... بالأضافة إلى ما تسببه السمنة من أمراض عديدة
للجسد.
إن الصائم الذى يضبط نفسه لا يحتاج إلى ريجيم.
والصوم كعلاج روحى أسمى من العلاج الجسدى لأنه فى نفس الوقت يعالج الروح والجسد والنفس معا...
ليت الإنسان يصوم بهدف روحى من أجل محبته لله وسينصلح جسده تلقائيا أثناء صومه.
4-الصوم يساعد على علاج كثير من الأمراض.
ومن أهم الكتب التى قرأتها فى هذا المجال كتاب ترجم إلى العربية سنة1930باسم (التطبيب بالصوم) للعالم الروسى ألكسى سوفورين.
وقد ذكر هذا العالم أن الصو يساعد على طرد السموم من الجسم (التكسينات)
ويقول أيضا إن الجسم فى صومه إذ لا يجد ما يكيفه من غذاء تتحلل بعض أنسجته
وأولها الدهون والشحوم والأنسجة المصابة والمتقيحة وهكذا يتخلص منها الجسد.
5-الصوم يجعل الجسد خفيفا ونشيطا.
آباؤنا الذين أتقنوا الصوم كانت أجسادهم خفيفة وأرواحهم منطلقة كانت
حركاتهم نشطة وقلوبهم قوية وكانوا يقدرون على المشى فى اليوم عشرات
الكليومترات دون تعب وقد وجدوا فى الصوم راحتهم ووجدوا فيه لذتهم فصارت
حياتهم كلها
6- لا يقل أحد إذن إن الصوم أو الطعام النباتى يضعف الصحة لأنه فى الواقع يقويها.
فليس الصوم مجرد علاج للروح إنما هو علاج للجسد أيضا ولم نسمع أبدا أن الطعام النباتى قد أضعف أحدا...
الذى يتعب الجسد ليس هو الصوم بل الاكل .
تتعب الجسد كثرة الأكل والتخمة وعدم الضوابط فى الطعام وكثرة الأخلاط غير
المتجانسة فى الطعام ودخول أكل جديد على أكل لم يهضم داخل الجسد .كما يتعب
الجسد أيضا الطاقات الحرارية الزائدة التى تأتى من أغذية فوق حاجة
الإنسان.وما أكثر الأمراض التى سببها الأكل.
لذلك يجب أن تتحرروا من فكرة أن الصوم يتعب الصحة.
إنها فكرة خاطئة ربما نبتت اولا من حنو الأمهات الزائد على صحة أبنائهن
حينما كانت الأم تفرح إذ ترى إبنها سمينا وممتلئ وتظن أن هذه هى الصحة!
بينما قد يكون السمين اضعف صحة من الرفيع.
ومع ذلك سمعنا عن اطفال قديسين كانوا يصومون.
ولعل من أمثلة هؤلاء القديس مرقس المتوحد بجبل أنطونيوس الذى بدأ صومه منذ طفولته المبكرة واستمر معه الصوم كمنهج حياة
الصوم ليس مجرد فضيلة للجسد
الصوم ليس مجرد فضيلة للجسد بعيدا عن الروح فكل عمل لا تشترك فيه الروح لا
يعتبر فضيلة على الإطلاق .فما هو عمل الجسد فى الصوم؟وما هو عمل الروح؟
الصوم الحقيقى هو عمل روحى داخل القلب أولا.
وعمل الجسد فى الصوم هو تمهيد لعمل الروح أو هو تعبير عن مشاعر الروح.
الروح تسمو فوق مستوى المادة والطعام وفوق مستوى الجسد فتقود الجسد معها
فى موكب نصرتها وفى رغباتها الروحية ويعبر الجسد عن هذا بممارسة الصوم.
والصوم ليس هو الجسد الجائع بل
الجسد الزاهد.وليس الصوم هو جوع الجسد إنما بالأكثر هو تسامى الجسد
وطهارته.ليس هو حالة الجسد الذى يجوع ويشتهى أن يأكل بل الجسد الذى يتخلص
من شهوة الأكل ويفقد الأكل قيمته فى نظره...
الصوم فترة ترتفع فيها الروح وتجذب الجسد معها.
تخلصه من أحماله وأثقاله وتجذبه معها إلى فوق لكى يعمل معها عمل الرب بلا عائق والجسد الروحى يكون سعيدا بهذا.
معنى عبارة قدسوا صوماكلمة " تقديس" كانت فى أصلها اليونانى تعنى التخصيص
فلما قال الرب لموسى" قدس لى كل بكر كل فاتح رحم...إنه لى"(خر2:13)
كان يعنى خصص لى هؤلاء الأبكار فلا يصيرون لغرض آخر:أبكار البهائم كانت تقدم ذبائح...
والثياب المقدسة هى المخصصة للرب لخدمة الكهنوت.وفى هذا قال الرب لموسى
النبى" فيصنعون ثيابا مقدسة لهرون أخيك ولبنيه ليكهن لى"(خر5:28).
وبهذه تكون المقدسات هى المخصصات للرب.
وهكذا تقديس الصوم معناه تخصيصه للرب.
تكون أيام الصوم مقدسة أى مخصصة للرب هى أيام ليست من نصيب العالم ولكنها نصيب الرب قدس للرب.
ولهذا وضح الوحى الإلهى هذا المعنى بقوله" قدسوا صوما نادوا باعتكاف" لأن الإعتكاف يليق بتقديس الصوم للرب أى بتخصيصه له.
ما هو هدف صومك؟
لماذا نصوم؟ماهوهدفنا من الصوم؟لأنه بناء على هدف الإنسان تتحدد وسيلته أيضا بناء على الهدف النتيجة.
هل نحن نصوم لمجرد أن الطقس هكذا؟
لمجرد أنه ورد فى القطمارس أو التقويم(النتيجة) أن الصوم قد بدأ أو قد
أعلنت الكنيسة هذا الأمر؟ إذن فالعامل القلبى الجوانى غير متكامل...طبعا
طاعة الكنيسة أمر لازم ولكننا حيمنا نطيع الوصية ينبغى أن نطيعها فى
روحانية وليس فى سطحية... وإن كانت الكنيسة قد رتبت لتا هذا الصوم فقد
رتبته من أجل العمق الروحى الذى فيه .
فما هو هذا العمق الروحى ؟وما هدفنا من الصوم؟
هل هدفنا هو مجرد حرمان الجسد وإذلاله؟
فى الواقع إن حرمان الجسد ليس فضيلة إنما هو مجرد وسيلة لفضيلة وهى أن
تأخذ الروح مجالها .فهل نقتصر على الوسيلة أم ندخل فى الهدف منها وهو
إعطاء الروح مجالها؟...
ما أكثر الأهداف الخاطئة التى تقف أمام الإنسان فى صومه!فقد يصوم البعض لمجرد أن يرضى عن نفسه.
لكى يشعر أنه إنسان بار يسلك فى الوسائط الروحية ولا يقتصر فى أية
وصية...أو قد يصوم لكى ينال مديحا من الناس فى صومه أو فى درجة
صومه...وهكذا يدخل فى مجال المجد الباطل أى يدخل فى الخطية !
ما هو الهدف السليم إذن من الصوم؟
الهدف السليم أننا نصوم من أجل محبتنا لله.من أجل محبتنا لله نريد أن تكون أرواحنا ملتصقة بالله ولا تشاء أن تكون
أجسادنا عائقا فى طريق الروح لذلك نخضعها بالصوم لكى تتمشى مع الروح فى
عملها وهكذا نود فى الصوم أن نرتفع عن المستوى المادى وعن المستوى
الجسدانى لكى نحيا فى الروح ولكى تكون هناك فرصة لأرواحنا البشرية أن
تشترك فى العمل مع روح الله وأن تتمتع بمحبة اله وبعشرته.
فنحن نصوم لأن الصوم يقربنا إلى الله.
الصوم فيه اعتكاف والإعتكاف فرصة للصلاة والقراءة الروحية والتأمل والصوم
يساعد على السهر وعلى المطانيات .والسهر والمطانيات مجال للصلاة والصوم
فيه ضبط للإرادة وانتصار على الرغبات .وهذا يساعد على التوبة التى هى
الطريق إلى الله وإلى الصلح معه.
إذن من أجل محبه الله وعشرته نحن نصوم.
هل هناك أصوام غيرمجصصة لله؟
نعم قد توجد أصوام للبعض لا نصيب لله فيها.كإنسان يصوم ولا نصيب لله فى
حياته على الرغم من صومه !يصوم وهو كما هو,بكل أخطائه لم يتغير فيه شئ!أو
يصوم كعادة أو خوفا من الإحراج لأجل سمعته كخادم .أو أن صيامه مجرد صوم
جسدانى كله علاقة بالجسد ولا تدخل للروح فيه!
أو هو صوم لمجرد إظهار المهارة والقدرة على الإمتناع عن الطعام .أو قد
يكون صوما عن الطعام وفى نفس الوقت يمتع نفسه بشهوات أخرى لا يقوى على
الإمتناع عنها...!
إن الصوم ليس هو مجرد تعامل مع الجسد بل هو تعامل مع الله .والصوم الذى لا يكون الله فيه ليس هو صوما على الأطلاق.
نحن من أجل الله نأكل ,ومن أجله نصوم.
الصوم الكبير عبارة عن ثلاثة أصوام:الأربعين المقدسة فى الوسط
يسبقها أسنوع إما أن نعتبره أسبوعا تمهيدا للأربعين المقدسة أو تعويضا عن أيام السبوت التى لا يجوز فيها الإنقطاع عن الطعام
يعقب ذلك أسبوع الآلام.وكان فى بداية العصر الرسولى صوما قائما بذاته غير مرتبط بالصوم الكبير.
والصوم الكبير أقدس أصوام السنة.
وأيامه هى أقدس أيام السنة,ويمكن أ ن نقول عنه إنه صوم سيدى لأن سيدنا
يسوع المسيح قد صامه.وهو صوم من الدرجة الأولى إن قسمت أصوام الكنيسة إلى
درجات.
هو فترة تخزين روحى للعام كله .
فالذى لا يستفيد روحيا من الصوم الكبير من الصعب أن يستفيد من أيام أخرى
أقل روحانية . والذى يقضى أيام الصوم الكبير باستهانه من الصعب عليه أن
يدقق فى باقى أيام السنة.
حاول أن تستفيد من هذا الصوم فى ألحانه وقراءاته وطقوسه وروحياته الخاصة وقداساته التى تقام بعد الظهر.
كان الآباء يتخذون الصوم الكبير مجالا للوعظ .
لأن الناس يكونون خلاله فى حاله روحية مستعدة لقبول الكلمة .حقا إن الوعظ
مرتب فى كل أيام السنة ولكن عظات الصوم الكبير لها عمق أكثر وهكذا فإن
كثيرا من كتب القديس يوحنا ذهبى الفم كانت عظات له ألقاها فى الصوم الكبير
وكذلك الكنيسة كانت تجعل أيام الصوم الكبير فترة لإعداد المقبلين للإيمان.
ولاهتمام الكنيسة بالصوم الكبير جعلت له طقسا خاصا.
فله ألحان خاصة وفترة إنقطاع أكبر وله قراءات خاصة ومرادت خاصة وطقس خاص
فى رفع بخور باكر ومطانيات خاصة فى القداس قبل تحليل الخدام نقول فيها (
اكلينومين تاغوناطا).
ولهذا يوجد للصوم الكبير قطمارس خاص . كما أنه تقرأ فيه قراءات من العهد القديم .وهكذا يكون له جو روحى خاص .
وقد جعلت الكنيسة له أسبوعا تمهيديا يسبقه.
حتى لا يدخل الناس إلى الأربعين المقدسة مباشرة بدون استعداد وإنما هذا
الأسبوع السابق يمهد الناس للدخول فى هذا الصوم المقدس وفى نفس الوقت يعوض
عن إفطارنا فى السبوت التى لا يجوز الإنقطاع فيها .
بل الكنيسة مهدت له أيضا بصوم يونان
فصوم يونان يسبق الصوم الكبير بأسبوعين ويكون بنفس الطقس تقريبا وبنفس
الألحان حتى ينتبه الناس لقدوم الصوم الكبير هكذا ينبغى علينا نحن أيضا أن
نلاقيه بنفس الإهتمام
ومن اهتمام الكنيسة بهذا الصوم أنها أسمته الصوم الكبير
فهو الصوم الكبير فى مدته والكبير فى قدسيته.
إنه أكبر الأصوام فى مدته التى هى خمسة وخمسون يوما وهو أكبرها فى قدسيته لأنه صوم المسيح له المجد مع تذكار آلامه المقدسة.
لذلك فالخطية فى الصوم الكبير أكثر بشاعة.
حقا إن الخطية هى الخطية. ولكنها أكثر بشاعة فى الصومخ الكبير مما فى باقى
الأيام العادية. لأن الذى يخطئ فى الصوم عموما وفى الصوم الكبير خصوصا هو
فى الواقع يرتكب خطية مزدوجة:بشاعة الخطية ذاتها يضاف إليها الإستهانة
بقدسية هذه الأيام .إذن هما خطيئتان وليس واحدة.
والإستهانة بقدسية الأيام دليل قساوة القلب.
فالقلب الذى لا يتأثر بروحانية هذة الأيام المقدسة لا شك أنه من الناحية
الروحية قلب قاس والذى يخطئ فى الصوم ينطبق عليه قول السيد المسيح"إن كان
النور الذى فيك ظلاما فالظلام كم يكون"(مت 23:6). أى إن كانت هذة الأيام
المقدسة المنيرة فترة للظلام فالأيام العادية كم تكون؟!
هنا وأقول لأنفسنا فى عتاب:كم صوم كبير مر علينا فى حياتنا بكل ما فى الصوم الكبير من روحيات؟ لو كنا نجنى فائدة روحية فى كل صوم فما حصاد هذة السنين كلها فى أصوامها الكبيرة التى صمناها وفى باقى الأصوام الأخرى أيضا ؟
إن المسألة تحتاج إلى جدية فى الصوم وإلى روحانية فى الصوم ولا نأخذ
الأمر فى روتينية أو بلا مبالاه.
فضائل ومشاعر مصاحبة للصوم
الصوم مصحوب بالفضائل:إن الذين يصومون ولا يستفدون من صومهم لابد أنهم صاموا بطريقة خاطئة فالعيب لم يكن فى الصوم وإنما كان فى الطريقة .
وهؤلاء إما صاموا بطريقة جسدانية ولم يهتموا بالفضائل المصاحبة للصوم
أوإنهم إتخذوا الصوم غاية فى ذاتها بينما هو مجرد وسيلة توصل إلى غاية
والغاية هى إعطاء الفرصة للروح .
إن الصوم هو فترة روحيات مركزة.
فترة حب لله والتصاق به وبسبب هذا الحب ارتفع الصائم عن مستوى الجسد
والجسدانيات.هو ارتفاع عن الأرضيات ليتذوق الإنسان السمائيات .إنه فترة
مشاعر مقدسة نحو الله على الأقل فيها الشعور بالوجود مع الله والدالة معه
.وهو فترة جهاد روحى:جهاد مع النفس ومع الله وجهاد ضد الشيطان.
أيام الصوم هى أيام للطاقة الروحية وفترة تخزين .
الصوم تصحبه التوبةالصوم أيام مقدسة يحياها الإنسان فى قداسة .
لابد أن يكون فيها الفكر مقدسا والقلب مقدسا والجسد أيضا مقدسا .
الصوم فترة تريد فيها أن تقترب إلى الله بينما الجطية تبعدك عنه لذلك يجب أن تبتعد عن الخطية بالتوبة لتسطتع الإلتصاق بالله.
فى الصوم يصوم الجسد عن الطعام وتصوم الروح عن كل شهوم أرضية وكل رغبة
عالمية وتصوم عن الملاذ الخاصة بالجسد وهكذا تقترب إلى الله بالتوبة فاسأل
نفسك:هل أنت كذلك؟
بدون التوبة يرفض الله صومك ولايقبله.وبهذا تكون لا ربحت سماءا ولا أرضا وتكون قد عذبت نفسك بلا فائدة ...فإن
أردت أن يقبل الله صومك راجع نفسك فى كل خطاياك وارجع عنها...لقد أعطانا
الله درسا حينما تقدم لمعمودية التوبة قبل صومه.وكان ذلك رمزا.
الصوم تصحبه الصلاة والعبادةالصوم بدون صلاة يكون مجرد عمل جسدانى.
وهكذا يفقد طابعه الروحى ويفقد فائدته الروحية...
وليس الصوم هو الإكتفاء بمنع الجسد عن الطعام فهذه ناحية سلبية .أما الناتحية الإيجابية فتظهر فى إعطاء الروح غذاءها.
وثقوا أن الله يستجيب لصومكم وصراخكم وينتهر الرياح والأمواج فيهدأ البحر
.حقا ما أعمق الصلوات إن كانت فى أيام مقدسة ومن قلوب متذللة أمام الله
بالصوم ومتنقية بالتوبة وكم وكم يكون عمقها إن كانت مصحوبة أيضا بقداسات
وتناول...
الصوم مصحوب بالتذلل والبكاءالصوم فترة تنسحق فيها الروح أمام الله بالتوبة والدموع وانكسار القلب
واتضاعه فتعرف الذات ضعفها أنها تراب ورماد وتلجأ إلى القوة العليا.
حينما ينسحق الجسد بالجوع تنسحق الروح أيضا.وفى انسحاقها تتضع وتنحنى النفس أمام الله خاشعة ذليلة معترفة بخطاياها وتذلل النفس يحنن قلب الله وقلوب السمائين جميعا لا.
والإنسان فى اتضاعه وشعوره بضعفه يشعر أيضا بزهد فى كل شئ ولا يتعلق قلبه بأية شهوة فيكلم الله بعمق .
صوم اللسان والفكر والقلبقال ماراسحق :"صوم اللسان خير من الفم وصوم القلب عن الشهوات خير من صوم الإثنين" أى خير من صوم اللسان ومن صوم الفم كليهما .
كثيرون يهتمون فقط بصوم الفم عن الطعام وهؤلاء وبخهم الرب بقوله "ليس ما
يدخل الفم ينجس الأنسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان"(مت
11:15).وهكذا أرانا أن الكلام الخاطئ نجاسة .أيضا قال معلمنا يعقوب الرسول
عن اللسان إنه "يدنس الجسد كله"(يع 6:3) فهل لسانك صائم مع صوم جسدك؟وهل
قلبك صائم عن الشهوات.
إن القلب الصائم يستطيع أن يصوم اللسان معه.لأنه "من فيض القلب يتكلم اللسان"(مت 34:12) لذلك إن كان قلبك صائما عن الخطية فسيكون لسانك صائما عن كل كلمة بطالة .
والذى يصوم قلبه يمكنه أن يصوم جسده أيضا.الصوم يصحبه الصدقةفالذى يشعر فى الصوم بالجوع يشفق على الجوعانين.وبهذه الرحمة يقبل الله
صومه وكما قلب "طوبى للرحماء فإنهم يرحمون"(مت7:5).والكنيسة من اهتمامها
بالصدقة ترتل فى الصوم الكبير ترنيمة "طوبى للرحماء على المساكين".
كتاب"روحانية الصوم"
لقداسة البابا شنوده الثالث