كبرد الثلج في يوم الحصاد، الرسول الأمين لمُرسليه لأنه يَرُد نفس سادته (أم25: 13)
هو عبد إبراهيم، ومعنى اسمه » عون الله »
وقد كان بالفعل مُعيناً لسيده إبراهيم. فنرى أمانته لسيده واضحة. فرغماً
عن أن نسبه يرجع إلى دمشق، إلا أنه على الأرجح قد وُلِدَ في بيت إبراهيم
وظل معه طوال رحلته منذ يوم خروجه من حاران حتى أصبح مالك بيته، الرجل
الثاني في البيت (تك15: 2). وبعد ولادة إسحاق، أي بعد فترة 25 سنة (تك12:
4،5؛ 17: 1) مُضافاً إليها أربعين سنة هي عمر إسحاق يوم زواجه (تك25: 20)،
بعد كل هذه الأعوام لم يجد إبراهيم، الشيخ المتقدم في الأيام مَنْ يأتمنه
على إحضار زوجة لابنه سوى ذلك الخادم الأمين. وأمام المهمة الخطيرة التي
ائتمنه عليها سيده، لم يستحسن العبد اختياراً شخصياً، بل صلى وسأل الرب أن
ييسر له ويُنجح مأموريته ويُشير إلى الفتاة المعيَّنة زوجة لابن سيده، ولم
يضع ثقته في حكمته الشخصية، ولا في الآخرين.
ولأنه لم يكن من النوع الذي يصلي دون انتظار لاستجابة محددة، فقد تولَّد
لديه حِس مُرهف للاستجابة المتوقعة بين لحظة وأخرى. وإذ كان لم يفرغ بعد
من الكلام والطلبة « إذ رفقة ... خارجة وجرتها على كتفها:.
ثم نراه بعد ذلك متعقلاً متمهلاً، فبعد أن نجحت العلامة التي وضعها من المرة الأولى، فإنه لم يتسرع « والرجل يتفرَّس فيها صامتاً ليعلم أَ أَنجح الرب طريقه أم لا ».
إنها ليست لغة الشك، بل هي لغة مَنْ يريد التأكد التام من فكر الرب قبل أن
يخطو خطوة خطيرة كهذه. وعندما أخبرته رفقة عن عائلتها (تك24: 24 مع ع15)
خرَّ الرجل وسجد للرب! في ذات اللحظة التي تأكد فيها من استجابة الرب
لصلاته، عاد إلى الرب بالشكر والسجود.
وثمة تصرف آخر جميل نراه في هذا الرجل، إذ لما دخل إلى البيت وحلّ عن
الجمال، ووُضع قدامه ليأكل، قال: لا آكل حتى أتكلم كلامي! لا يأكل! وهو
المسافر المُتعب، حتى يتكلم في الموضوع الذي جاء لأجله! فهو حقاً افتدى
الوقت (أف5: 16).
وأخيراً بعد نهاية المأمورية وختام مشوار الخدمة الطويل، نراه يحدِّث
إسحاق بكل الأمور التي صنع. ويا له مثالاً لكل عبيد السيد الذين يخدمونه
بنفس راغبة، فيكون فيهم مثل هذا التوجه الجميل.