فأجابت النساء اللاعبات وقلن ضرب شاول ألوفه وداود ربواته (1صم18: 7)
إن موقف الفتى الراعي داود في حربه مع جليات لأجل إسرائيل يذكّرنا بموقف أعظم وقفه لأجلنا على الصليب ربنا يسوع الذي قال: « أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف » (يو10: 11).
فداود خاطر بحياته واضعاً نفسه في كفه مقتحماً ميدان المبارزة بجرأة
معدومة النظير وضرب جليات وخلَّص إسرائيل الذي ظل في تعيير العدو أربعين
يوماً. وهكذا كان قد مضى على دخول الخطية في العالم وسيادة الشيطان عليه
وتعييره له مدة أربعين قرناً، ولم يستطع أحد أن يبرز لمقاتلة هذا العدو
المُستبد حتى جاء ذلك الفتى السماوي فدخل المعركة العُظمى التي لم يقدر
سواه أن يدخلها. لقد ربط الشيطان في البرية، وسحق رأسه على الصليب، وأرسل
جميع المنسحقين في الحرية.
لقد فرح الملك والجيش والأمة بخلاصهم وخرجت النساء في مظاهرات ليُبدين هذا
الفرح، لكن لنلاحظ الغلطة التي ارتكبتها الإمرأة الجاهلة التي كانت يوماً
ما علة السقوط. فقد رنمت « ضرب شاول ألوفه وداود ربواته »
فهل هذا صحيح؟ فأي عمل قام به شاول حتى يذكر اسمه في هذا المقام؟ وأي خلاص
أجراه للأمة وقتئذ حتى استحق أن يقرن اسمه بالمدح مع اسم مخلص الأمة
الوحيد؟ كيف جاز للمرأة حينئذ أن تعطيه شيئاً من المدح ولا تخصص المدح كله
لداود؟
ولكن بينما ننحي باللائمة على المرأة، ننسى ما هو حاصل في المسيحية التي
ارتكبت نفس الغلطة .. فمَنْ الذي كان على الصليب ووضع حياته عن الخراف؟
أليس هو ربنا يسوع وحده؟ ألم يدخل المعركة وحده؟ ألم يخرج من المعركة
ظافراً وبيده رأس الشيطان؟ مَنْ هو الذي أعتقنا نحن من عبودية إبليس؟ أليس
هو يسوع وحده. لكن ويا للأسف! فكم هم المُعتبرون في المسيحية مُخلصين
وشفعاء؟ كثيرون! وكم هم الممدوحون منها؟ بلا عدد! يجب أن نسقط على وجوهنا
.. لأنه كما لم يستحق المدح سوى داود وحده، هكذا وبصورة أعظم جداً ـ لا
يستحق المدح منا إلا ربنا العزيز المبارك، ذاك الذي ليس بأحد غيره الخلاص،
لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص. ذاك
الذي قال عن نفسه إنه الأول والآخر. البداية والنهاية. الحي، وكان ميتاً
وها هو حي إلى أبد الآبدين.