محمدعبد اللطيف
تفاصيل هذه
الواقعة تحمل بين سطورها مخاوف من اشتعال فتنة، ربما تصبح حلقة جديدة في
مسلسل صناعة وتدبير الفتن، التي يقف وراءها مغامرون من أصحاب المصالح
المالية والأغراض السياسية في شمال قنا. فقبل أن يتلاشي صدي مشهد الحماقة
الجنسية باغتصاب طفلة، وما تبعه من أحداث دامية في مدينة نجع حمادي. يجري
الآن تحت السطح غليان مكتوم، بدأ بمعركة قانونية، وانتهي باستخدام القوة
والنفوذ. فهو بين أسرتين في مدينة دشنا احداهما مسلمة «آل عبدالمطلب» من
سنارة، والأخري مسيحية «الفوانيس». الأولي تملك المال والسطوة بالعلاقات
والنفوذ، والثانية لا تملك سوي مجموعة أوراق وأحكام قضائية معطلة بفعل
فاعل.
الغريب أن هذه الواقعة تقف خلفها مجاملات حمقاء من بعض الموظفين
وصغار ضباط الشرطة، تجاوزوا حدود وظائفهم، وساهموا دون ادراك للعواقب في
صناعة المهزلة والغليان الذي وجد من يغذيه.
علي بعد 20 كيلو مترا من موقع مذبحة نجع
حمادي التي ارتكبها «الكموني» ضد الأقباط ليلة عيد الميلاد، تدور أحداث
هذه الواقعة التي تأخذ طابعا قانونيا حتي الآن، ففي مدينة دشنا توجد قطعة
أرض مطلة علي شريط السكة الحديد، مساحتها 2500 متر مربع، وقيمتها وفق
الأسعار المتداولة في المنطقة المحيطة بها نحو 15 مليون جنيه. هذه الأرض
تمتلكها أسرة مسيحية ومسجلة في الشهر العقاري ومكلفة في المساحة.
الأرض كانت زراعية قبل عدة سنوات، وجري
تبويرها بعد أن أحيطت بالمباني، وأصبحت مطلة علي الشارع الرئيسي.
المساحة المسجلة باسم أغابيوس بولس. تم
تقسيمها بين ورثته، واشتري أحدهم من الورثة، وأصبحت الأرض برمتها ملكا له
بموجب الأحكام القضائية 688، 956 لسنة 2007، التي تقضي بتسليم الأرض.
بعد صدور الأحكام، علم بعض المحيطين
بهذه المساحة أن صاحبها وجدي وليام ليست لديه القدرة المالية علي البناء أو
التقسيم. فبدأوا مساومته علي اعطائه مبلغا من المال وترك الأرض، لأنه لا
يملك أجرة خفير لحراستها، فرفض العروض التي تدخلت فيها شخصيات بارزة في
دشنا، وشرع في تنفيذ الأحكام التي حصل عليها لدخول الأرض الفضاء، والتي لم
يكن يوجد عليها حتي 2007 أية تعديات.
في تلك الأثناء جري اعتراض المالك من
خلال بعض الأفراد من أسرة عبدالمطلب محمد عبدالجواد، بعد تأكدهم من عدم
قدرته علي حراستها، بزعم أنهم مالكون للأرض عن طريق وضع اليد، دون وجود
مستندات أو ما يشير لوجود مظاهر بوضع اليد.
أمام هذه الاعتراضات لم يجد مالك الأرض
طريقا أمامه سوي تحرير محاضر إدارية في مركز شرطة دشنا، وحفظت هذه المحاضر
في النيابة، نتيجة لتقاعس ضباط المركز في احضار المحرر ضدهم المحاضر
لسؤالهم، لكن وهذا هو الأخطر في هذه القصة المثيرة، مركز الشرطة رفض أيضا
تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح المالك ضد ورثة أغابيوس، فلجأ لارسال برقيات
لجهات الاختصاص ومدير إدارة تنفيذ الأحكام القضائية، الذي أمر بالتنفيذ،
وجري اخطار مركز شرطة دشنا وتم تحديد أكثر من موعد للتنفيذ بخطابات رسمية
إلا أن شيئا لم يحدث. وفجأة وبينما كان يقوم بحراسة أرضه، وجد بعض الأهالي
يقومون بتشييد مسجد علي مساحة 350 مترا من الأرض، فلم يعترض وقام بتحرير
إقرار تبرع بمساحة الأرض لوزارة الأوقاف لاتمام المسجد، وأخطر بهذا التبرع
جهات الاختصاص المعنية بالأمر، لكنه لم يدرك أن هذه الواقعة بداية جديدة
لدخوله في مسلسل. مقدمته ارهابه من الوصول إلي الأرض بإطلاق الشائعات التي
تفيد بأن مالك الأرض يريد أن يبني كنيسة بجوار المسجد، بغرض اثارة المحيطين
بالأرض ضده.
إلي هنا يبدو الأمر عاديا، تنفيذ
الأحكام معطل بتأشيرة روتينية، مفادها عمل الدراسة الأمنية لكن هذا التعطيل
المتعمد ساعد مغتصبي الأرض في إقامة منشآت عليها. فقام المالك بتقديم
إنذار للوحدة المحلية بمدينة دشنا بعدم ترخيص هذه المنشآت لأن الأرض ملك له
ومسجلة في الشهر العقاري.
في تلك الأثناء أقام مغتصبو الأرض دعوي
قضائية رقم 346 لسنة 2008 ضد وجدي وليام وإخوته، طلبوا فيها الحكم بعدم
سريان عقود البيع المحررة من ورثة أغابيوس لوجدي وليام، وإثبات الملكية
استنادا لوضع اليد. ووقف تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح المالك من
أشقائه. وفي 26/10/2009 قضت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الأحكام الصادرة
لصالح المالك وعدم الاعتداد بوضع اليد.
توجه صاحب الأرض وفق الأحكام بالتنفيذ
وتحدد له يوم 13/12/2009، لكن المركز تقاعس مرة أخري بحجة عدم وجود قوات
كافية لتنفيذ المهمة. ربما يكون هذا التصرف من الأمور العادية التي تحدث
يوميا، في دهاليز أقسام ومراكز البوليس، لكن ما يثير الدهشة أن المسئولين
في مركز شرطة دشنا، نصبوا أنفسهم محامين لصالح أحد الخصوم، ضاربين بأحكام
القضاء عرض الحائط، فقد زعموا علي غير الحقيقة في خطابات رسمية بوجود
إشكالات في الأحكام القضائية، وأرسل رئيس مباحث دنشا السابق خطابا لمديرية
الأمن التي لا تصلها أية تفاصيل عن حقيقة ما يجري، الخطاب يتضمن طلبا بعدم
تنفيذ الحكم لحين الفصل في الدعوي رقم 346 لسنة 2009، في حين أن الإشكال
كان سابقا للدعوي، وهو ما يشير إلي وجود مجاملات تشي بأمور تبدو غير
مفهومة.. لم يكن مركز الشرطة فقط هو الذي تورط في هذه المهزلة التي تشغل
أحاديث الرأي العام في شمال قنا، لكن مجلس المدينة تورط أيضا في إثارة
الفتنة، وأصدر تراخيص للمباني بعد إنشائها.
هذا النوع من المجاملات يدفع لتدخل
الجهات الرقابية والأمنية لأن هذه التراخيص ارتبطت بشائعات عن بناء كنائس
وخلافه علي غير الحقيقة، لكن لا ينكر أحد أن هذه الشائعات ساهمت بقدر كبير
في الاسراع للمجاملة كنوع من التضامن من بعض ضعاف النفوس مع مغتصبي الأرض،
ومساندتهم في بناء العمارات رغم إنذار مجلس المدينة ورغم وهو الأهم صدور
أحكام قضائية بعدم الاعتداد بوضع اليد.
فمن إدارة تنفيذ الأحكام ومركز الشرطة
إلي المجاملات والادعاء بمساندة شخصيات مهمة في مديرية الأمن لأصحاب
النفوذ، تكمن الكارثة فهل تتدخل الأجهزة المختصة لوأد الفتنة مبكرا في
منطقة أصبحت ملتهبة بفعل فاعل.
شٍـٍبٍـٍكٍـٍةٍ وٍ مٍـٍنٍـٍتٍـٍدٍيٍـٍاٍتٍ اٍلاٍمٍـٍيٍـٍرٍ تٍـٍاٍدٍرٍسٍ يٍـٍرٍحٍـٍبٍ بٍـٍكٍـٍمٍ
الجمعة مارس 12, 2010 5:00 am
