عندما كنت طالبة بالسنة الأولى بكلية الصيدلة جامعة أسيوط ملأني الخوف من
الامتحانات الشفهية. وفي إحدى المواد جاء اسمي على قائمة أستاذ يشتهر
بتشدده، وكان يستفسر من الطالب عن الأبواب التي لم يتمكن من مذاكرتها
جيداً، ومن ثم يركز أسئلته في تلك الأجزاء. لذا سمعت الطلبة يحذرون بعضهم
بعضاً من الإقرار له بالحقيقة. كانت ظروف تلك المادة صعبة نظراً لأن
الفارق الزمني بين أامتحانها وامتحان المواد السابقة عليها ثلاثة أيام
فحسب.
لقد صليت وطلبت شفاعة البابا كيرلس السادس، ولما دخلت الامتحان. أنشغل
سيادته بالحديث مع زميل له لعدة دقائق كنت أجول خلالها بنظري في أرجاء
الحجرة، وفجأة أجد حبيبي البابا كيرلس السادس جالساً أمامي على أحد
المقاعد، وهو يبتسم لي ابتسامة مطمئنة للغاية، فشعرت بالفرحة والسعادة،
وتأكدت من نجاحي مهما كانت الظروف. وكعادة الأستاذ سألني عن الأجزاء التي
لم أذاكرها، فلم أستطع الكذب في حضرة أبي وحبيبي البابا كيرلس!! (لقد وثقت
بوجود البابا أمامها فتحاشت الكذب)، فقلت له الحقيقة، وحددت الأبواب التي
لم يتسع الوقت لمراجعتها. توقعت منه الغضب لكني فوجئت به هادئاً مبتسماٍ.
سألني بمنتهى الهدوء عن السبب الذي جعلني لا أذاكر تلك الأبواب. فكان ردي
– وهذه هي الحقيقة – إني كنت أذاكرها طوال العام الدراسي، ولكني عجزت عن
مراجعتها خلال الأيام الثلاث السابقة على الامتحان. فوجدت سيادته يبتسم
ويعدني بأنه لن يسألني في تلك الأبواب.
كانت أجاباتي إجابات طالبة متمكنة، وهو يشجعني. ولما وجه لي سؤالاً في
الجزء الذى لم أراجعه اعتذر بأن ذلك سهو منه. عرفته إني قادرة على التوصل
الى الإجابات الصحيحة بسبب أنتباهي وتركيزي أثناء المحاضرات فأتمكن من
أستيعاب أدق التفاصيل، فسره ذلك جداً، وحصلت على تقدير جيد جداً.
لقد أستفدت من هذه التجربة طوال سني دراستي وتعلمت أن أذاكر بجد وبلا تهاون مع الأتكال على الله الذي يهبنا التوفيق.
هذه المعجزة واحدة من المعجزات التي تشير الى أن البابا كيرلس يحيا بيت أولاده الطلبة يعمل معهم بيد قوية، لأنه شفيعهم.
من كتاب معجزات البابا كيرلس السادس