الأفخارستيا سر الكنيسة
نيافة الأنبا رافائيل
الكنيسة هى مجال عمل السيد المسيح الخلاص... الخلاص الذى تممه السيد المسيح لنا على الصليب، يقدمه لنا بنفسه كل يوم من خلال الكنيسة فالكنيسة هى استمرار وامتداد عمل السيد المسيح النبوى (بالتعليم) والكهنوتى (بالخلاص) والملوكى (بميراث ملكوت السموات).
والكنيسة هى مكان حضور واستعلان السيد المسيح فينا "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمى فهناك أكون فى وسطهم" (مت 20 : 18).
ولذلك تهتف الكنيسة بكل فرح - عند اجتماعها - "عمانوئيل إلهنا فى وسطنا الآن... يمجد أبيه والروح القدس".
فمن يقبل إلى الكنيسة... هناك يرى السيد المسيح ويتحد به ويتكلم معه فالكنيسة هى عروس السيد المسيح وهى جسده المقدس...
السيد المسيح للكنيسة الرأس للجسد "المسيح أيضاً رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد" (أف 23:5)، "وهو رأس الجسد - الكنيسة - الذى هو البداءة" (كو 18:1).
وجسد السيد المسيح يستعلن بكل وضوح فى سر الأفخارستيا.
"كأس البركة التى نباركها، أليست هى شركة دم المسيح؟، الخبز الذى نكسره، أليس هو شركة جسد المسيح؟" (1كو 16:10).
ومن هنا كانت الرابطة القوية بين الكنيسة والأفخارستيا.. فكلاهما هى جسد السيد المسيح.. الكنيسة جسد المسيح الذى ننتمى إليه كأعضاء... والأفخارستيا جسد السيد المسيح الذى نأكله فنحيا كأعضاء "فإننا نحن الكثيرين خبز واحد، جسد واحد، لأننا جميعنا نشترك فى الخبز الواحد" (1كو 17:10).
الكنيسة والأفخارستيا :
الكنيسة وجدت خلال سر الأفخارستيا ونالت كيانها وحقيقتها خلال هذا السر المقدس...
وأيضاً الأفخارستيا هى ذبيحة الكنيسة.. فمتى اجتمع المؤمنون... كان اجتماعهم لكسر الخبز (التناول من جسد الرب ودمه)، فنسمع عنة الكنيسة الأولى: "كانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أع 42:2).
"كانوا كل يوم يواظبون فى الهيكل بنفس واحدة (صلاة المزامير)، وإذ هم يكسرون الخبز (الأفخارستيا) فى البيوت، كانوا يتناولون الطعام (الأغابى) بابتهاج وبساطة قلت" (أع 46:2)، "وفى أول الأسبوع، إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزاً" (أع 7:20).
والسيد المسيح نفسه هو الذى يقدم ذبيحته بيده فى كنيسته كل يوم، إذ هو الكاهن والذبيحة وهو الله الذى يقبل الذبيحة...
"هذا الذى أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا" التسبحة السنوية وهو مازال مستمراً وعاملاً فى الكنيسة بذبيحته..
ليس أن الأفخارستيا تكراراً لصليب السيد المسيح بل استمراراً له وامتداد لمفعوله.
والكنيسة إذ ترى عريسها المحبوب يقدم ذاته عنها على المذبح فى كل يوم... تتشجع وتقدم حياتها للرب بالتسبيح والنسك والخدمة وأيضاً بالاستشهاد إننا نستمد القوة على الاستشهاد من ذبيحة الأفخارستيا.
إذ "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً" (1يو 19:4).
حياة السيد المسيح مصلوبة برهان حبه لنا إذ "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 16:3).
وحياتنا نحن مصلوبة معه برهان حبنا له...
هذا الصليب الى تحمله الكنيسة كل يوم وتتبع السيد المسيح... يتجلى فى ذبيحة الأفخارستيا فندخل إلى المذبح، عند الجلجثة ونرتفع معه إلى السموات... نقدم له... التوبة بانكسار القلب، ونقدم له لمهارة الجسد، والنفس والروح، ونقدم له جسداً مصلوباً بالصوم الانقطاعى، حسابين فى أنفسنا أننا نمات من أجله كل النهار...
وكذلك تدخل الكنيسة إلى المذبح حاملة معها ذبيحة بسيطة (من خبز وخمر وماء) تقدمها برهان الشكر وقبول نعمة الله فى حياتنا... وبرهان الحب والاعتراف بأن الله هو صاحب هذه العطايا "نقرب لك قرابينك من الذى لك".
وتتيقن الكنيسة أنها لم تقدم بعد شيئاً يذكر... فما هو صومى؟ وما قيمة تعبى؟.. وكيف أتكلم عن طهارة الجسد أو عن تعب جهادى؟
لذلك لا تشبع الكنيسة إلا بتقدمه عريسها السماوى على المذبح المقدس الإلهى ليس لدينا ما نقدمه غير السيد المسيح نفسه، الذى هو حياة العالم..
على المذبح تدرك الكنيسة أنها جسد السيد المسيح المذبوح، ونحن أعضاؤه حاملى سمات آلام.. فالمعمودية والميرون جعلان له أعضاء.. وبتناول جسده ودمه المبذولين.. ننمو يوماً فيوماً إلى قياس قامة ملء السيد المسيح.. الكنيسة الواحدة :
جسد السيد المسيح جسد واحد.. يقوم فى كل مكان ولكنه جسد واحد.. ويقوم فى كل يوم ولكنه جسد واحد..
هكذا ندرك أن الكنيسة واحدة جامعة... فكل المذابح فى العالم هى مذبح واحد.. وكل الكنائس فى العالم كنيسة واحدة (من أقاصى المسكونة إلى أقاصيها).. وكل الكهنة فى العالم يمثلون كاهناً واحداً هو ربنا يسوع المسيح.. الذى يقوم جسده بيده فى كل قداس فى كل مكان وفى كل زمان ومع كل الناس.
هذا هو استعلان سر اتحادنا بعضنا مع بعض فى المسيح يسوع..
كيف أن خبزه واحدة تجمع مئات حبات القمح فى وحدة واحدة..
فالله فى سر الأفخارستيا يجمع الكنيسة إلى واحد "أجعلنا كلنا مستحقين يا سيدنا أن نتناول من قدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا؛ لكى نكون جسداً واحداً وروحاً واحداً، ونجد نصيباً وميراثاً مع جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء" القداس الباسيلى.
"فإننا نحن الكثيرين خبز واحد، جسد واحد، لأننا جميعنا نشترك فى الخبز الواحد" (1كو 17:10)، "هكذا نحن الكثيرين جسد واحد فى المسيح وأعضاء بعضاً لبعض، كل واحد للآخر" (رو 5:12).
"لأنه كما أن الجسد هو واحد، وله أعضاء كثيرة وكل أعضاء الجسد الواحد إذا كانت كثيرة هى جسد واحد كذلك المسيح أيضاً" (1كو 12:12).