المحبه
المحبة هي التعبير عما هو الله في طبيعته له المجد. هي التوافق مع طبيعة
الله. هي مظهر كوننا صرنا شركاء الطبيعة الإلهية. هي العمل والشعور وفق
صفاته ومبادئه. وهي تتجه تلقائياً إلى الآخرين لخدمتهم وفائدتهم، لكن
الآخرون ليسوا هم الدافع إليها والعامل المحرك لها، بل هم غرضها وهدفها.
أما دوافعها ومنابعها ففي القلب من الداخل. وقوتها مستقلة عن الغرض
المتجهة إليه. فهي تحب في كل الظروف وفق طبيعتها. وتقوى وتتغذى وتنمو
بالشركة مع الله نفسه.
المحبة معناها ومضمونها عكس معنى ومضمون محبة الذات. إن محبة الذات هي
الأنانية .. أما المحبة فتطلب خير الآخرين كما طلب الله خيرنا. والمحبة
المتمكنة فينا هي قوة تقاوم الشر في داخلنا. ومعظم صفات المحبة هي صفات
إيجابية ولا تكسب الذات من ورائها شيئاً، وبها يتحرر القلب من ظن السوء.
وظن السوء من صفات القلب الطبيعي المُلازمة له. ثم المحبة تحتمل كل شيء في
سبيل الخير والبر الذي لا تراه، بينما هي تصبر على المكروه وتحتمل الشر
الذي تراه. وفي كل شيء تتأنى وتترفق.
ولما كانت المحبة هي طبيعة الله، لذلك هي لا تنتهي وتستمر إلى الأبد غير
متغيرة. فكل إعلان عن الله وكل واسطة تُستخدم في توصيل هذه الإعلانات، وكل
علم بالأسرار هنا على الأرض، وبالاختصار كل ما له صفة التجزؤ والتدرج في
استكماله، إنما سينتهي وسيبطل. أما المحبة فلن تسقط ولن تنتهي.
والآن في الزمان الحاضر تثبت المحبة مع الإيمان والرجاء ولكن الأعظم بين
هذه الثلاثة هي المحبة. لأن الإيمان والرجاء سينتهيان متى جاءت حالة
الكمال في المجد وستبقى المحبة إلى أبد الآبدين. ولأن الإيمان والرجاء
يرتبطان بطاقة الطبيعة البشرية، أما المحبة وهي من طبيعة الله فتفضلهما
وتعظم فوقهما بسبب طبيعتها.
والمحبة أكبر وسائط النعمة في جذب النفوس والتاثير عليها. إنها فعّالة
وبناءة أكثر جداً من جميع المواهب الروحية. والقلب المُحب وليمة دائمة
لأنه في جميع اتجاهاته يتمم ناموس الله. والقلب المُحب مهما لاقى في طريق
المحبة فإنه لن يندم على الإطلاق على ما بذل أو أنفق.