إذا ضعفت عن أن تكون غنيا لله فإلتصق بمن يكون غنيا به لتسعد بسعادته(القديس الأنبا باخوميوس)
كثيراً ما سمعت الأميرة عن الحاخام يشوع بن قانانيا Joshua Ibn Chananiah وحكمته
العظيمة، وقد حفظت الكثير من كلماته عن ظهر قلب. اشتاقت أن تراه وتجلس معه وتستمع لكلماته التي لا تُقدر بثمن. وبالفعل انطلقت بمركبتها الملوكية إلى حيث يقيم الحاخام. لاحظت الأميرة إنه يسكن في بيت بسيط لا يليق بذاك الذي نال هذه الشهرة العظيمة والتي يشتهي كثير من رجال الدولة أنيسمعوا كلماته ويهتدون بنصائحه وإرشاداته. قرعت الباب وكم كانت مفاجأتها حين رأت إنساناً في نظرها قبيح الشكل يفتح الباب. سألت عن الحاخام فعرفت أنه هو هذا الذي فتح لها الباب. صمت طويلاً، وإذ لم تتمالك نفسها وما يجول في داخلها قالت الأميرة: "إني أندهش جداً أن أجد هذه الحكمة العظيمة والعجيبة مستودعة في إنسان قبيح الوجه هكذا!"ابتسم ووجِّه للأميرة السؤال التالي: "أين تخزنين خمرك؟" أجابت الأميرة: "مثل كل البشر في أوان خزفية".هز الحاخام رأسه وقال لها: "إني مندهش أن ابنة الإمبراطور العظيم في غناه وإمكانياته تضع خمرها في أوانٍ من الترابمثل عامة الشعب، كنت أظن إنك تخزنين خمرك في أوانٍ ذهبية أو فضية
". فكرت الأميرة المتشامخة في هذا القول وقالت له: "إنك على صواب". وانطلقت بمركبتها إلى القصر الإمبراطورى ودخلت جناحها الخاص وطلبت أوان فضية فخمة ووضعت فيها كل ما في مخازنها من خمور. بعد زمان فسدت الخمر، وعرف الإمبراطور بذلك فاستدعى الحاخام يسأله كيف يقدم مشورة كهذه لأبنته أفسدت كل ما لديها من خمورٍ.
روى الحاخام للإمبراطور ما جرى بينه وبين الأميرة، وكيف أراد أن يقدم لها درساً عملياً لتدرك أن الحكمة لا يقتنيها من انشغل بالجمال الخارجي والمظاهر الباطلة، بل من ينشغل بجمال أعماقه الداخلية.
أنت كنزي العجيب إلى متى تشغلني طبيعتي الخزفية، وأنت هو سّر غناي! إنت كنزي، تسحب قلبي إليك!إنت غناي، بك أغني كثيرين