باسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد
نعم إنَّ كلَّ مُلهج به من الله نافعٌ للتعليم كما قالَ بولسُ الرسولِ،
ولكن على الخصوص كتاب المزاميرِ الشريفِ، لأنَّ كلَّ مصحفٍ تفرَّدَ بأمر ٍ
يختصُّ به في عهده. أعني بقولي أنَّ التوراة قد تَفَرَّدَتْ بتكوينِ ِ
العالم ِ وأعمال رؤساء الآباء وخروج بني اسرائيل من مصر وفرض الشريعة
وترتيبِ المظلَّةِ والكهنوت.
ثلاثة كُتُب منها تحتوي على قسم الميراثِ وأعمالِ القضاة ونسبةِ داوود،
والكُتُب الباقية تحتوي على أعمالِِ الملوك وكتاب عزرا الذي يخبّر عن
عتاقةِ السبي وإياب الشعب وبناء الهيكل والمدينة.
وأمّا الأنبياء فتخبّر عن حضور المخلصِ وتذكّر بالوصايا وتذمّ مخالفيها وتتنبَّأ للأممِ.
وأما كتاب المزامير فهو بمنزلةِ كتاب فردوس يحتوي على جميعِ ما في الكُتُبِ مُرَتلاً ويُنشد ظاهراً ما يختص بها.
التوراة في المزامير
أما مسائِلُ التكوينِ فيترنّم بها في المزمور الثامن عَشَر بقولِهِ:
" السمَوات تُذيعُ مجدَ الله، والجَلَدُ يُخبّرُ بأعمالِ يديه ".
وفي المزمور الثالثِ والعشرين يقولُ:
" للربِّ الأرضُ بكمالها، الدنيا وكُلُّ الساكنينَ فيها. هو على البحار أسَّسها وعلى الأنهار هيأها " .
وأما أخبارُ كتاب الخروج ِ والعددِ وتثنية الإشتراع فقد أحسن ارتجازَهُ في المزمور السابع والسبعين بقولِهِ :
" في خروجِ إسرائيل من مصر، وبيت يعقوب من شعب البربرِ، كانَ يهوذا مقدسة وإسرائيل سلطانة " .
وفي المزمور الماية وألأربعة يقول:
" أرسَلَ موسى عبدّهُ وهارونَ الذي انتخبَهُ لنفسِهِ، جعلَ فيهم كلامَ
علاماتِهِ وآياتِهِ في أرض حام " . ونقول بعامة إنَّ هذا المزمور مع الذي
يليه بجملتها يخبّران بهذه القصص.
وأما أمور الكهنوت والمِظلّة فيخبِّر بها في المزمور الثامن والعشرين بقولِهِ:
" قَدِموا للرب يا أبناءَ الله، قدِّموا للرب مجداً وكرامةً " .
وأمّا قصَّة يشوع بن نون فيشرحُها في المزمور الماية والستة حيث يقول:
" أقاموا مُدناً للسًكنى، وزرعوا حُقولاً، وغَرسوا كروماً " . لأنَّ في
عهدِ بن نون أُعطِيَت لهُم أرضُ الميعادِ. وفي المزمور عَينِهِ قيل: "
صَرَخوا إلى الربِّ في حُزنهم ومن شدائدهم خلَّصهُم " .
وهذا أورده أيضاً كتابُ القضاةِ أنَّ وقتَ صراخهم كانَ يقيمُ لهم قضاة بحسب الزمانِ ويخلّصهم من محزنيهم.
والموضوع له باقية ...