خذوا لنا الثعالب الثعالب الصغار المفسدة الكروم لان كرومنا قد أقعلت
نش 2 : 15
اقْتَنِصُوا لَنَا الثَّعَالِبَ الصِّغَارَ الَّتِي تُتْلِفُ الْكُرُومَ، فَإِنَّ كُرُومَنَا قَدْ أَزْهَرَ تْ
نش 2 : 15
فى هذه الاية البسيطة يكشف روح الله سر مهم جدآ هو سر السقوط المتكرر. ففى مرحلة من مراحل شركة الحب مع المسيح .يكون الانسان بعد ان فرح بمعرفة المسيح وتذوق حبه فى حياته ,يجد فجأءة انه ساقط فى الخطية دون ان يدرى بل واصبح مهزوم بصورة مستمرة وفى الخطية التى تركها منذ زمن بعيد .!!!
ويقف الانسان متعجب من نفسه كيف يحدث هذا ؟لقد انكشفت محبة المسيح لي وفرحت بنعمته فى قلبى بل سكنت فى الروح والغريب اننى لمحت ثمار نعمة الله فى نفسى !!!
_لان كرومنا قد اقلعت_ولكن فجأءة اجد نفسى ساقط فى الخطية وكلما قمت اسقط من جديد فأقف متحير لهذه الحالة كنت اظن اننى بعدة جدآ عن الخطية ,واننى مستحيل ان اسقط مرة اخلرى فيها ,وخاصآ بعد مرحلة من الحب مع المسيح والتغرب عن الشر والخطية.
وتقف النفس التى تذوقت حب المسيح وفرحت به تقف حزينة جدآ لانها لا يمكن ان ترتاح فى الخطية والشر وان كانت تسقط ولكنها فى مرارة شديدة بسبب هذا السقوط .
فتصرخ الى عريسها التى تراه امام عينها وتلمس حبه على الرغم من انها تسقط فتسأل الحبيب ما هو سر هذا السقوط المتكرر؟؟
فتسمع الاجابة من فمه الالهى :
خذوا (أقبضوا) لنا الثعالب الصغار التى تتلف الكروم:
هذا هو سر السقوط .فالنفس (العروس) والتى فرحت بالمسيح وكونت معه شركة حب وصارت متحدة بعريسها السماوى ,وفرح قلبها جدآ به ورفضت الشر والشيطان والذى كان هو محرض نفسها قديمآ على الشر ومحبة اللذة الجسدية وشهوات العالم .
عندما استقر حب المسيح فى قلب العروس وسبب رفض الشر والشيطان تنقى قلب العروس بحلول عريسها فيه .وتذوقت العروس لذة حضور الحبيب فى حياتها .وبهذه اللذة رفضت كل لذة فى العالم وتغربت عن محبة الخمر القديم وهو محبة العالم .
ولكن عدو الخير لا يهداء وخاصآ انه كان يسكن نفس العروس قديمآ وكان يجد راحة له فى نفس العروس فهو يريد ان يعود الى النفس مرة اخرى بعد ان طرده المسيح منها ,فمعروف ان الروح المطرود من النفس متى طرد من النفس فأنه:
ثم يذهب وياخذ معه سبعة ارواح أخر اشر منه فتدخل وتسكن هناك.فتصير اواخر ذلك الانسان اشر من اوائله. مت 12 : 45
ولكن عندما يعود الروح الشريرالى النفس مرة اخرى لا يعود بصورة مباشرة ,ولكنه يأخذ صورة الثعالب فى مكرها الشديد حتى يخدع النفس وتقبله دون ان تشعر على الرغم من حبها للمسيح.!!
وقد يحدث امرين حسب حالة هذه النفس :
الاول :
لا يستطيع ابدآ الروح الشرير أن يدخل الى النفس وحتى اذا استعان بسبعة ارواح اشر منه ,وهذا عندما تكون هذه النفس قد تركت من كل قلبها محبة العالم والشر تمامآ
وطغت محبة المسيح على كل القلب .فيقف الشيطان امام النفس مخزول وخائب وغير قادر على الدخول الى النفس .
وهذا لان محبة المسيح التى تسكن قلب العروس تكون كسياج من النار تحيط القلب والنفس من كل ناحية
(لان الهنا نار آكلة عب 12: 29)
فعندما يقترب الروح الشرير يحترق بهذه النار ولا يستطيع الدخول الى القلب ابدا.
(بل قبول دينونة مخيف وغيرة نار عتيدة ان تأكل المضادين.عب 10 : 27)
الثانى :
عندما يكون قلب الانسان مازال فيه بواقى من محبة العالم والشر ,على الرغم من وجود محبة المسيح وتفاعل النفس مع محبة المسيح والتمتع بها , ولكن مازالت النفس ,تُبقى داخل القلب جزء مخفى من محبة العالم واللذة الجسدية ,
فعندما يلمح الشيطان هذا الجزء من محبة العالم فى القلب يذهب ويحضر معه سبعة ارواح اشر منه وعن طريق هذا الباب يدخل القلب ,ليس بصورة واضحه ولكن فى صورة ثعالب ماكرة ولاحظ ايها القارئ الحبيب دقة وانطباق الاية على اية العهد الجديد فهو يقول خذوا لنا الثعالب وليس الثعلب ,لانه يكون قد احضر معه سبعة اشر منه !!
هذا سر السقوط المتكرر ,
وهو وجود ميل للشر داخل القلب ولو ميل صغير جدآ هذا الميل يجذب الشيطان الى النفس كما يتجمع الذباب حول الاشياء العفنة تمامآ تتجمع الارواح الشريرة حول النفس التى بها ميل نحو الشر .
وهناك تأكيد من العلامة أوريجانس يكشف هذه الحالة بمنتهى الوضوح فهو يقول:
(أنه بالتأكيد فى لحظة الخطية يكون روح شرير ما حاضرآ فى قلب الانسان ,وهناك يعمل ,أننا نسمح له بالدخول ونستقبله فى داخلنا بميولنا الشريرة)
فعندما يلمح الشيطان ميل القلب نحو اللذة الجسدية والشر وخاصآ عندما تكون النفس فى حالة عدم فرح او فى حالة انحجاب الله عنها لسبب تنقيتها او لنموها الى قامة اعلى يستغل الشيطان هذه الفرصة ويسحب النفس عغن طريق الميل للشر فى القلب يسحبها بمكر الثعالب لكى تسقط فى الشهوالت الجسدية ويحاول اقناعها بأنها سوف تجد سرورها وسعادتها المفقودة مرة اخرى فى الجسد وملذات الجسد .
وأحيانآ تستعذب النفس هذه الفكرة وتحاول ان تعود وتشرب مرة اخرى من ماء العالم المر , ولكن لان محبة المسيح فى القلب فعندما تشعر النفس بالسقوط وتتذكر محبة المسيح فى القلب تنزعج جدآ وتحزن جدآ فتصرخ الى حبيبها وتصرخ بضجر شديد فهو يأتى بسرعة شديدة ويأمر ملائكته :
أقبضوا لنا على الثعالب التى دخلت خلسة الى كرمى الحبيب أقبضوا عليها واحرقوها لانها تريد ان تفسد كرمى الحبيب وخاصآ لانى ارى كرومى قد أقلعت .اى انها ازهرت بسب الاتحاد بى .
ويؤكد هذه الحقيقة القديس أغريغوريوس النيصى بقوله:
(اعطى الله الملائكة_ (لكل انسان ملاك حارس يرافقه منذ ميلاده الجديد وحتى يستلم المسيح روحه فى السماء) _ قوة هائلة تفوق الوصف تمكنهم من اصطياد تلك الثعالب ,وهو لم يقول لهم اصطادوا الخنزير الذى تهلك الكروم ولا الاسد ولا الثعابين ولكنه اهتم اكثر بالثعالب الصغيرة وهو قد اعطانا قوة من فوق لكى ننتصر عليها ونبعدها,
والكرم هو النفس البشرية وعندما نبعد تلك الثعالب عندئذآ تبدأ النفس فى الثمر وتنضج عناقيد العنب التى ترمز الى ثمار الكمال, ان هذا الكرم الالهى الذى هو النفس يصير مثمرة كما قال داود النبى (أمرأتك " روحك ") مثل كرمة مثمرة فى جوانب بيتك ,
وعندئذ تصير النفس فى حماية الله فتكرس ذاتها للمسيح عريسها الذى حطم الحاجز الذى كان يفصل بينها وبينه .لانه لم يعد يوجد اى فاصل للناموس يمنع الاتحاد مع المسيح الهنا الذى بالحق نحن نحبه )
صلاة:
حبيبى الغالى يسوع
اصرخ نحوك بكل قلبى خذ يارب لنا الثعالب المفسدة لنفسى كرمك الحقيقى ,لقد انكشف امامى يارب سر سقوطى وعدم ثباتى فيك ,وذلك بسبب ميل قلبى نحو الشر من جديد.
اتضرع اليك
نقى قلبى تمامآ يارب من محبة الشر او العالم ,وحل فى قلبى يارب واسكب محبتك الالهية فى قلبى بعد ان تكون قد خلعت منه كل جذور الشر ,اجعل حبك يملئ كل قلبى يا الهى الى التمام من فضلك يا يسوع لان هذا هو الحل الوحيد لي لكى لا اسقط .
الحل ان يملئ حبك كل قلبى فيكون حبك كنار تحيط قلبى وبهذا كلما اقترب الشيطان ليدخل قلبى لا يستطيع لانه يحترق بنار لهوتك ,انت الوحيد القادر على حمايتى يارب ,
ولهذا اصرخ لك من ضعفى ومن سقوطى
اقمنى يارب من سقوطى المتكرر ونقى قلبى بطهارتك وقداستك .
وحل فى قلبى واسكب محبتك كنهر فائض فى قلبى حتى تروى عطشى يارب وترطب كيانى كله فحبك هو منقذى من محبة العالم نبه روحى يارب الى ملاكى الحارس المعين من قبلك لكى يحرسنى من الثعالب المفسدة للكروم .
لانه متى أخذت لنا الثعالب المفسد للكروم ومتى تنقى قلبى بحبك من الميل الى الشر حينئذآ لايكون في اى ميل الى اى شيئ بخلافك امين يارب اجعل قلبى وكل مشاعرى وكل كيانى لا يميل لاخر سواك , فأتمتع بعناقيد العنب والتى هى ثمرة اتحادك بى فأنا كرمة رديئة جدآ لا تعطى ابدآ ثمار من ذاتها ولكنها طعمت فيك انت ايها الكرمة الحقيقية وثمارك فائقة فى الجمال والروعة لك المجد الى الابد