الامير تادرس
عزيزى الزائر انت لست مسجل بمنتدى القديس الامير تادرس
يمكنك التسجيل الان حتى تصبح عضو معنا فى هذا المنتدى وتشاهد وتشارك جميع المواضيع مجانا معنا
للتسجيل اضغط على كلمه تسجيل فى اسفل هذه الصفحه
الامير تادرس
عزيزى الزائر انت لست مسجل بمنتدى القديس الامير تادرس
يمكنك التسجيل الان حتى تصبح عضو معنا فى هذا المنتدى وتشاهد وتشارك جميع المواضيع مجانا معنا
للتسجيل اضغط على كلمه تسجيل فى اسفل هذه الصفحه
الامير تادرس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الامير تادرس

الامير تادرس الشاطبى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
شٍـٍبٍـٍكٍـٍةٍ وٍ مٍـٍنٍـٍتٍـٍدٍيٍـٍاٍتٍ اٍلاٍمٍـٍيٍـٍرٍ تٍـٍاٍدٍرٍسٍ يٍـٍرٍحٍـٍبٍ بٍـٍكٍـٍمٍ

 

 اين قال المسيح انا الله فاعبدونى ؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 2089
تاريخ التسجيل : 09/09/2009

اين قال المسيح انا الله فاعبدونى ؟ Empty
مُساهمةموضوع: اين قال المسيح انا الله فاعبدونى ؟   اين قال المسيح انا الله فاعبدونى ؟ Icon_minitimeالخميس فبراير 25, 2010 7:08 am

هذا ما قاله المسيح

«فقال لهم يسوع: أنا من البدء ما أكلمكم أيضًا به» (يوحنا8: 25).

,,

نبدأ حديثنا في هذا الكتاب – كما هو متوقع- بما قاله المسيح عن نفسه، مركزين حديثنا في هذا الفصل عما قاله المسيح بفمه الكريم، وسجَّله لنا البشير يوحنا – أحد تلاميذ المسيح الأوائل - في البشارة المعنونة باسمه. والمعروف لدارسي الكتاب أن إنجيل يوحنا يحدثنا – في المقام الأول - عن لاهوت المسيح، ولذلك فإن كل عباراته محملة بالمعاني المجيدة الأكيدة، على أن المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد.

وسنسرد فيما يلي بعضًا من أقوال المسيح بحسب أهميتها ووضوح دلالتها من جهة ما نتحدث عنه الآن:


1- قال المسيح: إنه الأزلي، والواجب الوجود:

فلقد قال المسيح لليهود:

«الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن». (يوحنا8: 58و59).


خلفية هذا الإعلان العظيم أن المسيح كان قد قال إن الذي يؤمن به لن يرى الموت إلى الأبد. فاعترض السامعون من اليهود على هذا الكلام وقالوا له: «أ لعلك أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات؟ والأنبياء ماتوا. من تجعل نفسك؟». فقال لهم: «أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح». سألوه: «ليس لك خمسون سنة بعد. أ فرأيت إبراهيم؟» (يوحنا8: 57). ونحن نعرف أن إبراهيم أتى قبل المسيح بنحو ألفي عام. لكن لاحظ - عزيزي القارئ - أن المسيح لم يقل إنه هو الذي رأى إبراهيم، بل قال إن إبراهيم هو الذي تهلل بأن يرى يومه، فرأى وفرح. وهنا جاء الإعلان العظيم، الذي وقع كالصاعقة على هؤلاء الأشرار غير المؤمنين، إذ قال لهم المسيح إنه ”كائن“ قبل إبراهيم!

هل تعرف معنى هذه العبارة أيها القارئ العزيز؟

دعني قبل أن أذكُر لك معناها، أذكِّرك بما قاله يوحنا المعمدان عن المسيح: «إن الذي يأتي بعدي صار قدامي لأنه كان قبلي» (يوحنا1: 15). ومعروف أن يوحنا ولد قبل المسيح بنحو ستة أشهر، وهذا معنى قول المعمدان «الذي يأتي بعدي». لكن المعمدان يقول عن هذا الشخص: «صار قدامي، لأنه كان قبلي». فكيف يمكننا فهم أن المسيح الذي ولد بعد يوحنا المعمدان بنحو ستة أشهر، كان قبل يوحنا، إن لم نضع في الاعتبار لاهوت المسيح؟

والآن ما الذي يعنيه قول المسيح: ”أنا كائن“ قبل إبراهيم. لاحظ أن المسيح لا يقول لليهود: ” قبل أن يكون إبراهيم أنا كنت“، بل أرجو أن تلاحظ عظمة قول المسيح: «قبل أن يكون إبراهيم، ”أنا كائن“». إنها كينونة لا علاقة لها بالزمن، كينونة دائمة!

إن عبارة ”أنا كائن“ تعادل تماما القول ”أنا الله“ أو ”أنا الرب“ أو ”أنا يهوه“ الذي هو اسم الجلالة بحسب التوراة العبرية. فهذا التعبير ”أنا كائن“ هو بحسب الأصل اليوناني الذي كتب به العهد الجديد ”إجو آيمي“، وتعني الواجب الوجود والدائم، الأزلي والأبدي. فمن يكون ذلك سوى الله؟

عندما ظهر الرب لموسى في العليقة، وطلب أن يرسله إلى بني إسرائيل، وقدم موسى العديد من الاعتراضات، كان أحد تلك الاعتراضات «فقال موسى لله ها أنا آتي إلى بني إسرائيل وأقول لهم إله آبائكم أرسلني إليكم، فإذا قالوا لي ما اسمه، فماذا أقول لهم؟ فقال الله لموسى: ”أهيه الذي أهيه“. وقال هكذا تقول لبني إسرائيل ”أهيه“ أرسلني إليكم» (خر3: 13، 14). وعندما تُرجم العهد القديم إلى اللغة اليونانية، وهي تلك الترجمة المعروفة باسم الترجمة السبعينية، فقد تُرجم اسم الجلالة ”أهيه“، إلى ”إجو آيمي“. نفس الكلمة التي استخدمها المسيح مع اليهود عندما قال لهم: ”أنا كائن“!

وعبارة ”أنا كائن“ مشتقة من الفعل ”أكون“، والذي منه جاء اسم الجلالة ”يهوه“. وقد تكررت هذه العبارة ”إجو آيمي“ عن المسيح في إنجيل يوحنا 21 مرة (3×7). كأن المسيح يرى في نفسه بحسب ما أعلن عن ذاته، أنه هو ذات الإله القديم الذي ظهر لموسى في العليقة في جبل حوريب. والذي أرسل موسى ليخرج بني إسرائيل من أرض مصر.

ومن ضمن مرات استخدام المسيح لهذا الاسم عن نفسه، هي ما قاله المسيح في هذا الأصحاح عينه لليهود: «إن لم تؤمنوا أني ”أنا هو“ (إجو آيمي) تموتون في خطاياكم» (يوحنا8: 24).

ومرة أخرى لما تحدث لتلاميذه عن خيانة يهوذا الإسخريوطي قبل حدوثها، فقال: «أقول لكم الآن قبل أن يكون (أي قبل أن تتم الأحداث)، حتى متى كان تؤمنون أني أنا هو ”إجو آيمي“ (أي أنا الله، علام الغيوب)» (يوحنا13: 19).

وفي حادثة إلقاء القبض على المسيح في البستان، عندما سأل المسيح الذين أتوا للقبض عليه: من تطلبون؟ قالوا له يسوع الناصرى. قال لهم يسوع: ”أنا هو“ (أي ”إجو آيمي“). ويعلق البشير على ذلك بالقول إنهم رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض (يوحنا18: 4). فهم لم يقدروا أن يقفوا أمام مجد شخصه!

إن هذا الإعلان الذي ذكره المسيح في يوحنا 8: 58 يعتبر أعظم الأدلة والبراهين على لاهوت المسيح بحيث لو أنه ليس لدينا في كل الكتاب سوى هذا الإعلان لكان يكفي، ولو أنه لدينا العديد من البراهين كما سنرى الآن.

ولقد فهم اليهود جيدًا ماذا كان المسيح يقصد من هذه الأقوال، ولم بكن ممكنًا التجاوب مع ذلك الإعلان العظيم إلا بأسلوب من اثنين، إما أن ينحنوا أمامه بالسجود باعتباره الله، أو أن يعتبروه مجدفًا. وللأسف هم اختاروا الأسلوب الثاني المدمر لهم! ويذكر البشير أن اليهود عندما سمعوا من المسيح هذا الإعلان «رفعوا حجارة ليرجموه، أما يسوع فاختفى، وخرج من الهيكل مجتازًا في وسطهم، ومضى هكذا»، مما يدل على أنهم فهموا ما كان يعنيه المسيح تمامًا، أنه هو الله.

يا للعار، فلقد أعطاهم المسيح فرصة في أول الفصل أن يرجموا المرأة الزانية، بشرط أن يكون الشخص الذي سيرجمها بلا خظية، أي لم يقع في الفعل ذاته، فلم يستطيعوا، وخرجوا هاربين من ضيائه، ولكنهم الآن انحنوا لا ليسجدوا له، بل انحنوا يلتقطون الحجارة، لا ليرجموا بها الزانية، ولا حتى لكي يرجموا موسى، كما حاول آباؤهم الأشرار، بل ليرجموا ذاك الذي ظهر لموسى وقال له: ”أنا أهيه“ ”إجو آيمي“!


2- قال المسيح إن له ذات الكرامة الإلهية

فلقد قال لليهود:

«لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب» (يوحنا5: 23)


في حديث الرب مع اليهود، بعد شفائه للرجل المقعد في بيت حسدا (يوحنا5)، قال المسيح عبارة فهم اليهود منها أنه يعادل نفسه بالله. والمسيح في الحديث الذي تلى ذلك، لم يحاول تبرئة نفسه من هذه التهمة، وذلك لأنه فعلاً «الله (الذي) ظهر في الجسد» (1تيموثاوس3: 16)، بل أكد ذلك المفهوم بصور متعددة. فلقد أوضح (في ع22) أنه يعمل الأعمال الإلهية ذاتها، من ثم يخطو خطوة أبعد في الآية موضوع دراستنا فيقول إن له ذات الكرامة الإلهية. وواضح أن الأولى (الأعمال الإلهية) لا يقوى عليها مخلوق، وأن الثانية (الكرامة الإلهية) ليست من حق مخلوق، كائنًا من كان. فلقد ختم المسيح تلك القائمة من الأعمال الإلهية التي يمارسها بالقول إن الآب لا يدين أحدًا، بل قد أعطى كل الدينونة للابن، ويوضح السبب لذلك فيقول: «لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب».

والآن أرجو - عزيزي القارئ - أن تلاحظ هذين الأمرين اللذين لا يجب أن يمرا بدون تعليق من الكاتب، ودون انتباه من القارئ. الأمر الأول: أن الجميع سيكرمون الابن، وليس فريق من الناس دون غيرهم. والأمر الثاني: أنهم سيكرمون الابن كما يكرمون الآب، وليس بمستوى أقل أو بأسلوب أضعف.

هذه الآية إذًا توضح بأسلوب قاطع وصريح أن الابن له ذات الكرامة والمجد الذي للآب، ويستحيل أن يكون هذا مع أي مخلوق أيا كان. لقد قال الله في العهد القديم مجدي لا أعطيه لآخر. والله طبعا لم يتراجع عن ذلك عندما أعلن المسيح أن الآب يريد إكرام الابن بذات الكرامة التي للآب، وذلك لأن الآب والابن واحد (يوحنا10: 30).

ونلاحظ أن المسيح في هذه الآية - كعادة إنجيل يوحنا دائمًا - بعد أن ذكر هذا الحق إيجابيًا، عاد وأكده في صيغة سلبية. فقال: «من لا يكرم الابن لا يكرم الآب». يقول البعض إنهم يكرمون الله، ويسجدون له، ولكنهم لا يقبلون فكرة إكرام المسيح بذات مستوى إكرامهم لله، بل وربما تتضمن نظرتهم للمسيح شيئًا من الاحتقار لشخصه. ولكن كلمات المسيح هنا قاطعة، إن ”من لا يكرم الابن لا يكرم الآب“، وبعد ذلك قال المسيح إن من يبغض الابن يبغض الآب (يوحنا15: 23)، كما قال أيضًا إن من ينكر الابن ينكر الآب أيضًا (1يوحنا2: 23).

وعندما يقول المسيح إن ”الجميع“ سيكرمون الابن، فهو كان يعني المؤمنين وغير المؤمنين على السواء. فالله لم يدع ذلك الأمر حسب مزاج الإنسان، أن يكرم المسيح أو لا يكرمه، ولو أنه وضع في يديه أسلوب إكرامه للابن. فجميع البشر سوف يكرمون الابن بطريقة أو بأخرى، إما بإيمانهم به الآن، أو بدينونتهم منه فيما بعد. والمسيح إما أن يحيي أو يدين. من يؤمن به ينال الحياة الأبدية، ومن لا يؤمن يدان.


3- قال المسيح إنه ابن الله الوحيد:

فلقد قال لنيقوديموس أيضًا:

«لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأن لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن به لا يدان، والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد» (يوحنا3: 16).


يقول البعض – بجهل أو بخبث - إن الكتاب المقدس عندما يقول إن المسيح هو ابن الله، فهو في ذلك نظير الكثيرين من الخلائق الذين دعوا ”أبناء الله“، مثل الملائكة (أيوب 1: 6؛ 2: 1)، أو مثل آدم (لوقا3: 38)، أو مثل المؤمنين (غلاطية 3: 26). لكن الحقيقة أن الفارق بين الأمرين واسع وكبير.

إن الملائكة، وكذلك آدم، اعتبروا أبناء الله باعتبارهم مخلوقين منه بالخلق المباشر. وأما المسيح فهو ليس مخلوقًا بل هو الخالق (يوحنا1: 3؛ كولوسي 1: 16). ثم إن المؤمنين هم أبناء لله بالإيمان وبالنعمة (يوحنا1: 12؛ 1يوحنا3: 1)، أما المسيح فهو الابن الأزلي. وسوف نعود لهذا الأمر في الفصل التالي عند حديثنا عن المسيح ابن الله.

على أن الآية التي نتحدث عنها هنا قاطعة الدلالة، فهي تقول عن المسيح إنه ”ابن الله الوحيد“ (ارجع أيضًا إلى يوحنا1: 14و 18؛ 3: 18؛ يوحنا الأولى 4: 9). وعندما يقول إنه ابن الله الوحيد، فهذا معناه أنه ليس له شبيه ولا نظير. ولقد كرر المسيح الفكر عينه في أحد أمثاله الشهيرة ، حيث ذكر المسيح أن الإنسان صاحب الكرم (الذي يرمز في المثل إلى الله) أرسل عبيدًا كثيرين إلى الكرامين ليأخذوا ثمر الكرم، لكن الكرامين أهانوا العبيد وأرسلوهم فارغين، لكنه أخيرًا أرسل إليهم ابنه. يقول المسيح: «إذ كان له أيضًا ابن واحد حبيب إليه، أرسله أيضًا إليهم أخيرًا قائلاً إنهم يهابون ابني» (مرقس 12: 6). وواضح أن العبيد الكثيرين هم الأنبياء، وأما الابن الوحيد الذي أرسله إليهم أخيرًا فهو الرب يسوع المسيح.

ويوضِّح كاتب رسالة العبرانيين هذا الأمر عندما يقول: «الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه, الذي به أيضًا عمل العالمين. الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته» (عبرانيين 1: 1-3).

ونلاحظ أن المسيح لما كان هنا على الأرض لم يستخدم عن الله سوى تعبير ”الآب“ أو ”أبي“، ولم يستعمل تعبير ”أبانا“ قط، وذلك لأن هناك فارقًا كبيرًا بين بنوته هو لله وبنوتنا نحن. وبعد قيامته له المجد من الأموات قال لمريم المجدلية: «إني أصعد إلى أبي وأبيكم» (يوحنا20: 17). لقد صرنا نحن أبناء الله بالنعمة، وأما هو فالابن من الأزل.

صحيح هو كان قد سبق وقال عن نفسه لنيقوديموس إنه ابن الإنسان (ع14)، والآن يقول إنه ابن الله الوحيد (ع16)، وفي الحالتين استخدم التعبير ذاته: ”يؤمن به“، وذلك لأننا نؤمن بالطبيعتين اللاهوتية والناسوتية في المسيح، فهو ”ابن الله الوحيد“، وهو أيضًا ”ابن الإنسان“، هو الله وهو الإنسان في آن. والإيمان به ينجي من الهلاك الأبدي ويمتع بالحياة الأبدية.

ثم تفكر في هذا المجد: فيقول المسيح لنيقوديموس: ”لكي لا يهلك كل من يؤمن“ بالابن الوحيد، أي شخصه المعبود، بل تكون له الحياة الأبدية“. وأيضًا: ”الذي يؤمن به لا يدان، والذي لا يؤمن قد دين، لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد“ (يوحنا3: 18). إنه هو إذًا سر الحياة الأبدية، وهو السبب للدينونة الأبدية، أ فليس لهذا من معنى يا أولي الألباب؟


4- قال المسيح: ”أنا والآب واحد“:

فلقد قال المسيح لليهود:

«قلت لكم ولستم تؤمنون, لأنكم لستم من خرافي, خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني، وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد, أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل، ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي. أنا والآب واحد» (يوحنا10: 25-30).


هذه الآيات تتحدث عن أن المسيح هو مصدر الحياة الأبدية لمن يؤمن به، باعتباره المحيي. كما تتحدث أيضًا عن قدرة المسيح باعتباره ”الراعي العظيم“ على حفظ الخراف، بحيث أنه أكد أنه لا يقدر كائن أن يخطف أحد خرافه من يده. هنا نجد قدرة المسيح كالحافظ، وهي قدرة مطلقة. وفي أثناء الحديث عن تلك القدرة الفائقة، أعلن هذا الإعلان العظيم: «أنا والآب واحد».

هنا نجد المسيح للمرة الثالثة - بحسب إنجيل يوحنا - يعلن صراحة للجموع لاهوته وأزليته ومعادلته للآب. كانت المرة الأولى في يوحنا5: 17، والثانية في يوحنا8: 58، وهنا نجد المرة الثالثة، وفي هذه المرات الثلاث حاول اليهود رجمه، لأنهم فهموا تمامًا ما كان المسيح يقصده من كلامه.

في المرة الأولى في يوحنا 5: 17 تحدث المسيح عن معادلته للآب في الأقنومية، عندما قال لليهود: «أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل»؛ وفي المرة الثانية في يوحنا 8: 58 تحدث عن أزليته، عندما قال: «قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن» وهنا في المرة الثالثة تحدث المسيح عن وحدته مع الآب في الجوهر.

يدَّعي بعض المبتدعين أن الوحدة هنا هي وحدة في الغرض، بمعنى أن غرض المسيح هو بعينه غرض الله. لكن واضح من قرينة الآية أن الوحدة بين الابن والآب هي أكثر بكثير من مجرد الوحدة في الغرض، وإن كانت طبعًا تشملها. كان المسيح يتحدث عن عظمة الآب لا عن غرضه. فيقول: «أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل», ثم يستطرد قائلاً: «أنا والآب واحد». فالوحدة المقصودة هنا هي وحدة في الجوهر. وهذا التعليم مقرر بوضوح في كل إنجيل يوحنا.

واليهود الذين كان المسيح يوجه كلامه إليهم فهموا تمامًا كلام المسيح، بدليل عزمهم على رجمه باعتباره مجدفًا. أن تلك الحجارة التي رفعها أولئك الآثمون تصرخ. نعم إنها تصرخ في وجه من ينكر أن المسيح قال إنه الله. فلماذا - لو كان المسيح يقصد أي شيء آخر – أراد اليهود رجمه؟!


5- قال المسيح إن من رآه رأى الآب

قال الرب يسوع لتلميذه فيلبس:

«أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت أرنا الآب. أ لست تؤمن أني أنا في الآب والآب في؟» (يوحنا14: 8-10).


هذه الأقوال قالها المسيح ردا على فيلبس عندما قال له: «يا سيد أرنا الآب وكفانا». لاحظ أن فيلبس لم يقل ”نريد أن نرى المسيا“ أو ”المسيح“، بل قال: «أرنا الآب». فكانت إجابة المسيح بما معناه: كيف لم تعرفني حتى الآن يا فيلبس، رغم أنك من أوائل تلاميذي؟ ليس معنى ذلك أن فيلبس لم يعرف أن يسوع هو المسيح، كلا، لقد عرفه كذلك، وعرفه من أول لقاء له معه، إذ قال لنثنائيل: «وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء» (يوحنا1: 43-45). أي وجدنا المسيح المنتظر، لكن المسيح هنا كان ينتظر من فيلبس، ومن باقي التلاميذ، أن يدركوا من معاشرتهم للمسيح على مدى أكثر من ثلاث سنين، أنه ابن الآب، المعبر عنه. لأنه هو والآب واحد (يوحنا10: 31).

لقد قال المسيح له: «أ لست تؤمن أني أنا في الآب والآب في؟». وكون الابن في الآب، والآب في الابن، فهذا يدل على المساواة في الأقنومية والوحدة في الجوهر.

ونلاحظ أن المسيح - بحسب إنجيل يوحنا - أكد أن من يعرفه يعرف الآب (يوحنا8: 19؛ 14: 7)، وأن من يبغضه يبغض الآب (يوحنا15: 23)، وأن من يؤمن به يؤمن بالآب (يوحنا10: 40؛ 12: 44؛ 14: 1)، وأن من رآه فقد رأى الآب (يوحنا14: 9؛ 12: 45)، وأن من يكرمه يكرم الآب أيضًا (يوحنا5: 23)!

وإننا نقول كما قال أحد المفسرين: إن إنكار لاهوت المسيح إزاء هذه الكلمات يظهر رعب ظلام الذهن الطبيعي. فكيف يمكن لشخص، أثبت - في كل أعماله وأقواله - أنه كامل، أن يقول مثل هذه العبارات، إن لم يكن هو الله؟! لا يمكن لشخص مسيحي اليوم، مهما بلغت درجة كماله، أن يقول إن من رآه فقد رأى المسيح، إلا إذا كان مدعيًا، فكم بالحري لشخص يهودي أن يقول إن من رآه فقد رأى الآب!


6- قال يسوع إنه مصدر الحياة الأبدية ومعطيها

فلقد قال المسيح لليهود:

«الحق الحق أقول لكم تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون» (يوحنا5: 25). انظر أيضا يوحنا10: 27، 28؛ 17: 2


سبق أن رأينا (في البند 4) كيف قال المسيح إنه يعطي خرافه، أي المؤمنين باسمه، الحياة الأبدية (يوحنا10: 27، 28). والمسيح هنا في حديثه الجامع المانع يؤكد على هذا الحق ذاته. وهذا الحديث كان المسيح قد قاله لليهود بعد أن شفى رجل بركة بيت حسدا من مرض دام 38 سنة، وشفاه المسيح بكلمة واحدة منه. ثم أوضح المسيح في حديثه التالي مع اليهود أن هذه الكلمة عينها تهب الحياة الأبدية لمن يسمعها.

ونحن نعلم أنه ليس سوى الله يميت ويحيي (تثنية 32: 39؛ 1صموئيل2: 6؛ 1تيموثاوس 6: 13). لكن في هذه الآيات يقول المسيح إن صوته يعطي الحياة.

كان المسيح في الأقول السابقة قال عن نفسه إنه «يحيي من يشاء» (يوحنا5: 21). فالمسيح هو المحيي، وهو يفعل ذلك ليس كمجرد منفذ أو كواسطة، بل إنما يفعله بمقتضى إرادته هو وسلطانه الشخصي، فهو «يحيي من يشاء».

ثم لاحظ وسيلة الإحياء التي يذكرها المسيح هنا، إنها في منتهى البساطة، كما أن لها دلالة عظمى، إذ قال المسيح بعد ذلك: «تأتي ساعة وهي الآن، حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون». إن هذه الكلمة التي تهب الحياة هي كلمة الله (مزمور 119: 50)، وهذا الصوت المحيي لا يمكن إلا أن يكون صوت الله (إشعياء 55: 3).

كما أن نوعية الحياة هي أسمى أنواع الحياة، إنها الحياة الأبدية (يوحنا3: 16؛ 5: 24)، الحياة الأفضل (يوحنا10: 10). إن إعطاء الحياة في أية صورة، أمر لا يقوى عليه سوى الله، فكم بالحري عندما تكون الحياة هي الحياة الأبدية!

والآن هل أدركت عزيزي القارئ سمو المجد الذي تتضمنه هذه الأقوال. إن هذه الساعة امتدت للآن نحو ألفي عام، وفيها سمع ما لا يحصى من ملايين الأموات صوت ابن الله. وهل يمكن للأموات أن يسمعوا صوتًا؟ هذا محال. لكن السر يكمن في أن هذا الصوت ليس صوتًا عاديًا، بل هو صوت ابن الله. إنه الصوت الذي يخترق الموت، ويصل لأولئك الأموات في ذنوبهم وخطاياهم ويحييهم. ومهما كانت حالتهم، ولو كان لهم في موتهم عشرات من السنين، ولو كانوا قد أنتنوا في قبور خطاياهم، فإنهم بمجرد أن يسمعوا صوت ابن الله فإنهم ينالون فورًا الحياة الأبدية! أ ليس لهذا دلالته ومعناه؟


7- قال المسيح إنه مقيم الموتي ومحيي الرميم:

قال المسيح أيضًا لليهود:

«الحق الحق أقول لكم تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته (صوت المسيح)، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة» (يوحنا5: 28و29).


هنا نحن نجد شيئًا أكثر عجبًا مما ذكرناه الآن! فليس أن صوت ابن الله يحيي الموتى روحيًا فقط، بل إن ما لا يحصى من البلايين الذين دخلوا القبور، سيخرجون من القبور بمجرد سماعهم لصوته!

الكل سيسمع صوته وهم في القبور، حتى أولئك الذين لم يسمعوه في حياتهم على الأرض. وإذ يسمعون صوته سيخرجون من قبورهم ليقفوا أمامه للحساب.

هذا معناه أن المسيح هو مقيم الأموات ومحيي الرميم. ونحن نعلم أن هناك أشخاصًا ماتوا من آلاف السنين، يستحيل جمع ذرات أجسادهم، وقد تبعثرت في أربع أطراف المسكونة، وأربع رياح الأرض، ولكن سيأتي يوم فيه يسمعون صوته مناديًا، فيخرجون جميعهم من قبورهم، سواء كانوا أشرارًا أم صالحين!

من ذا الذي يقدر أن يبعث رممًا إلى الحياة؟ أ يقدر إنسان أن يبعث أناسًا ماتوا من آلاف السنين، وتحللت أجسادهم فعادت إلى التراب، وزرع في مكان دفنِهم بستان، طلعت فيه أشجار، أكل منه الإنسان والحيوان، وهؤلاء بدورهم ماتوا وتحللت أجسادهم، وهكذا دواليك!

من هو هذا الذي صوته يقيم جميع الذين في القبور؟ أ يمكن أن يكون مجرد إنسان؟ وإن لم يكن هو الله فمن يكون؟ أ يعطي الله مجده لآخر؟ أ يشارك أحد المخلوقات الله في قدرته المطلقة؟

والمسيح لم يقل ذلك فقط، بل برهنه عمليًا إذ أقام الرميم فعلاً، كما حدث عند إقامته للعازر من الأموات وهو ما سنوضحه في الفصل الثالث. وذلك الصوت الذي دعا لعازر فخرج فورًا بعد أن كان قد أنتن، سيخترق في يوم قادم قبور البشر جميعهم، ويأمر الأرواح أن تلبس أجسادها من جديد لتقوم من موتها.


8- قال المسيح إنه أتى من السماء إلى الأرض.

فلقد قال المسيح لليهود:

«لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي، بل مشيئة الذي أرسلني» (يوحنا6: 38)


كثيرون يؤمنون بأن الله رفع المسيح إلى السماء، وهذا طبعًا شيء عظيم، ولكن ما يؤكده المسيح هنا لا مرة ولا مرتين بل سبع مرات في فصل واحد هو يوحنا 6 أنه نزل من السماء (ع 33و 38و 41و 42و 50و 51و 58).

وفي مناسبة أخرى قال المسيح لليهود: «أنتم من أسفل، أما أنا فمن فوق. أنتم من هذا العالم، أما أنا فلست من هذا العالم» (يوحنا8: 23). وهو عين ما أكده لنيقوديموس قبل ذلك: «وليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء» (يوحنا13: 13).

وعن هذا الأمر عينه قال يوحنا المعمدان: «الذي من الأرض هو أرضي، ومن الأرض يتكلم، الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع» (يوحنا3: 31). ترى ما الذي دفع المعمدان أن يقول ذلك؟ لماذا اعتبر المعمدان أن الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع؟ الإجابة لأن الذي يأتي من السماء لا يمكن أن يكون مجرد إنسان. فالإنسان مصدره أرضي. فإن لم يكن إنسانًا. فمن يكون إذًا؟

ثم إن هذا يتضمن أيضًا معنى آخر، أعني به سبق الكينونة. فإن مولد المسيح في ”بيت لحم“ لم يكن بداية وجوده، فمع أنه خرج من بيت لحم، كما يقول عنه النبي ميخا في العهد القديم، لكن هو الذي «مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل» (ميخا5: 2؛ متى 2: 6). بمعنى أنه هو الأزلي.

وفي مناسبة أخرى قال المسيح لتلاميذه: «خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم، وأيضًا أترك العالم وأذهب إلى الآب» (يوحنا16: 28). لاحظ أنه في العبارة الأولى يقول ”خرجت من عند الآب“، ولم يقل ”تركت“ الآب، بينما في العبارة الثانية يقول ”أترك العالم“. فعندما يتحدث عن خروجه من عند الآب فالإشارة هنا إلى لاهوته، ذلك اللاهوت الذي يملأ السماء والأرض، ولكن عند حديثه عن تركه للعالم فإنه يتحدث عن ناسوته ومحدودية هذا الناسوت.

إذا كان المسيح قال إنه أزلي، ونحن نعرف أنه ليس أزلي سوى الله، أ لا يكون المسيح بهذا قد قال أيضًا أنا هو الله؟ وهذا الحق ذُكر في العديد من الفصول في الإنجيل ذاته مثل 1: 1؛ 17: 5، 24


9- قال المسيح إن روحه الإنسانية ملكه وتحت سلطانه:

فقال لليهود:

«ليس أحد يأخذها (نفسي) مني، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أيضًا أن آخذها» (يوحنا10: 17).


حقيقة يعملها الجميع، ويُعلِّم بها الكتاب المقدس أيضًا، أنه «ليس لإنسان سلطان على الروح» (جامعة8: Cool. أما المسيح فكان له السلطان على روحه، نظرًا لأنه لم يكن مجرد إنسان. وهو لم يقل ذلك فقط، بل نفذه أيضًا، فلقد مات ليس لأن قواه نفدت، أو لأن السر الإلهي خرج منه، بل يقول الوحي: «فصرخ يسوع بصوت عظيم، وأسلم الروح» (متى27: 50). لاحظ عبارة ”أسلم الروح“، وهي عيارة – نظرًا لأهميتها - تكرر ذكرها في البشائر الأربع (متى27: 50؛ مرقس15: 37؛ لوقا23: 46؛ يوحنا19: 30).

وفي إنجيل يوحنا الذي يحدثنا عن المسيح ابن الله، يذكر شيئا جميلاً عن المسيح، فيقول إنه ”نكس رأسه، وأسلم الروح“. فليس أن روحه خرجت، ورأسه تدلدلت، بل إنه أولا نكس رأسه، استعدادًا للموت الذي كان سيدخله بكامل إرادته، ثم أسلم الروح.

ولذلك فإن استفانوس الشهيد الأول في المسيحية لحظة موته قال للمسيح: «أيها الرب يسوع اقبل روحي» (أعمال 7: 59)، وأما المسيح فإنه عند موته قال: «يا أبتاه في يديك أستودع روحي». ذلك لأن استفانوس مجرد إنسان، ولكن المسيح قَبِل أن يصير إنسانًا، وهم ليس مجرد إنسان، كما ذكرنا مرارًا، بل هو الله وإنسان في آن.


10- قال المسيح إنه ”النور“

فلقد قال لليهود:

«أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة» (يوحنا 8: 11)


نحن نعرف من هو نور السماوات والأرض، فيذكر الكتاب المقدس أن «الله نور» (1يوحنا1: 5). وفي العهد القديم قال داود: «الرب نوري وخلاصي» (مزمور27: 1). فأن يقول المسيح إنه هو ”نور العالم“، بل وأكثر من ذلك، هو يعد كل من يتبعه ألا يمشي في الظلمة، بل يكون له ”نور الحياة“، أي النور الذي يفضي إلى الحياة والذي يمتع بالحياة؛ فهذا معناه بكل وضوح أنه هو الرب. ونلاحظ أن البشير يوحنا ذكر عن المسيح إنه النور في إنجيل يوحنا، لا مرة ولا مرتين، بل 21 مرة (3×7).

كان المسيح في اليوم السابق مباشرة قد دعا كل العطاش لكي يأتوا إليه ويشربوا (يوحنا7: 37-39)، أي إنه وعد البؤساء بالري والانتعاش، وهنا يدعو الذين في ظلمة الخطية والجهل ليأتوا إليه فيتمتعوا بنور الحياة!

والمسيح يقول عن نفسه إنه ”النور“، في الوقت الذي يقول فيه عن يوحنا المعمدان النبي العظيم، بل الذي هو أفضل من نبي، إنه ”السراج الموقد المنير“ (يوحنا5: 35). لاحظ الفراق الكبير بين ”النور“ ومجرد ”السراج“. بكلمات أخرى، بين المطلق (النور) والنسبي (السراج).

والمسيح لم يقل ذلك فقط، بل برهن عليه فورا، في المعجزة العظيمة التي فعلها بعد ذلك مباشرة، إذ منح نعمة البصر لمولود أعمى، وسنتأمل – بمشيئة الرب - تلك المعجزة في الفصل الثالث.


11- قال المسيح إنه الراعي الصالح:

فلقد قال المسيح لليهود:

«أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف» (يوحنا10: 14).


هذه الآية تحمل أكثر من دليل على كون المسيح هو الله، فالراعي الذي يرعى الأفراد والجماعات أيضًا، لا يمكن أن يكون - بحسب تعليم العهد القديم – شخصًا آخر بخلاف ”الرب“، ”الله“. قال داود: «الرب راعيّ فلا يعوزني شيء » (مزمور23: 1)، وقال إشعياء النبي عن الرب: «كراعٍ يرعى قطيعه، بذراعه يجمع الحملان، وفي حضنه يحملها، ويقود المرضعات» (إشعياء 40: 11). فالراعي هو الرب الله.

ثم إن المسيح قال هنا: «أنا هو الراعي الصالح». وفي مناسبة أخرى قال المسيح: «ليس أحد صالحًا إلا واحد وهو الله». فكون لا أحد صالح إلا الله، وكون المسيح صالحًا، كقوله هنا «أنا هو الراعي الصالح» يعني أنه قال عنه نفسه إنه هو الله.


12- قال المسيح إنه هو القيامة والحياة

فلقد قال لمرثا: «أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد» (يوحنا11: 24-26).


قيلت هذه العبارة عندما ذهب الرب يسوع إلى بيت عنيا ليقيم لعازر من الأموات. ونحن نعلم أنه لم يقل كلمات مثل هذه أي نبي قبل المسيح، ولا أي رسول بعده، مع أن بعضهم أقام موتى. إنها عبارة مملوءة بالجلال، بحيث لا يمكن لشخص بشري أن يقول نظيرها، ما لم يكن مدعيًا. فالمسيح يوضح بتلك الكلمات أنه ليس معلمًا بشريًا يتحدث عن القيامة، بل هو المصدر الإلهي لكل قيامة، سواء كانت روحية الآن، أو حرفية في أوانها. كما أنه أصل وينبوع كل حياة، طبيعية كانت أم روحية أم أبدية.

فهذه العبارة إذا هي عبارة فريدة وتعطي دلالات أكيدة على لاهوت المسيح. فذاك الذي هو مصدر الحياة، والذي فيه كانت الحياة (يوحنا1: 4)، قَبِل أن ”يذوق بنعمة الله الموت“ (عبرانيين 2: 9)، ليمكنه أن يكون أيضًا القيامة لمن يؤمن به. وحده وليس سواه – بموته وقيامته - أمكنه أن يبطل الموت، وينير الحياة والخلود بواسطة الإنجيل (2تيموثاوس1: 10).


13- قال المسيح إنه يستجيب الدعاء

فلقد قال لتلاميذه في حديث العلية:

«ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن. إن سألتم شيئا باسمي فإني أفعله» (يوحنا14: 13، 14)


لا يوجد شخص ممكن أن يسمع كل دعوات الداعين، الصاعده له من كل العالم، إلا الله وحده. وأي ادعاء بأن هناك مخلوق يمكن أن يستمع إلى نداءات البشر الذين يتجهون إليه، هو ادعاء عار من الصحة. أسفي على الذين ألَّهوا البشر، ونسبوا لهم سماع الصلوات واستجابتها. لقد قال إيليا النبي العظيم مرة لأليشع: «ماذا أفعل لك، قبل أن أؤخذ منك؟» (2ملوك2: 9). لاحظ قوله: ”قبل أن أؤخذ منك“، وأما المسيح فهو ما زال يفعل، وذلك بعد رحيله بألفي سنة. إنه يسمع الصلوات ويستجيبها. هذا ما أكده المسيح هنا، وما اختبره كل المؤمنين الأتقياء.

ونلاحظ أن المسيح لم يقل هنا: ”مهما سألتم باسمي فذلك يفعله الآب“، ولم يقل ”إن سألتم شيئًا باسمي فإن الآب يفعله“، بل قال: «فذلك أفعله»، وأيضًا «فإني أفعله».


14- قال المسيح إن تلاميذه بدونه لا يقدرون أن يفعلوا شيئًا.

فلقد قال في حديثه الأخير مع تلاميذه في العلية أيضًا:

«لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا» (يوحنا15: 5).


في هذه الأقوال ينسب الرب يسوع لنفسه القوة والقدرة على كل شيء. ونلاحظ أن الرب قال هذا لتلاميذه، ليس في بداية تواجده معهم، بل في نهايته، وفي نفس ليلة آلامه. فهو كان مزمعًا أن يتركهم، لكنه يؤكد لهم أنه بلاهوته باقٍ معهم. وعليهم أن يدركوا أنهم لن يقدروا أن يعملوا أي شيء بدونه. وهذا معناه أنه ليس مجرد إنسان، غيابُه عنهم ينهي عمله، بل إن لاهوته ظاهر في أقواله هنا، وهم بدونه لن يقووا على عمل أي شيء.

والعكس أيضًا صحيح، فلقد قال الرسول بولس: «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني» (فيلبي4: 13).

ونلاحظ أن المسيح لم يقل في المقابل: ”لأني بدونكم لا أقدر أن أفعل شيئًا“. فكون المسيح يستخدمنا، فليس ذلك لأنه بدوننا عاجز، حاشا، بل إنه يكرمنا بأن يقبل أن يستخدمنا في عمله، وهو وحده الكفؤ لهذا العمل، فمسرة الرب بيده تنجح (إشعياء53: 10).


15- قال المسيح إنه هو معطي الروح القدس

فقد قال لتلاميذه في العلية:

«خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم» (يوحنا16: 7).


فإذا عرفنا أن الروح القدس هو أقنوم في اللاهوت (ارجع إلى تعليقنا على الأقانيم في متى 28: 20 في الفصل التالي)، اتضح لنا فورًا أنه لا يمكن أن يرسل أقنومًا إلهيًا سوى الله.

وفي هذا قال الرب في العهد القديم: «أني أنا الرب إلهكم وليس غيري, ويكون بعد ذلك أني أسكب روحي على كل بشر» (يوئيل2: 27و28).

ونلاحظ أن المسيح في العظة نفسها قال إن الآب سيرسل إليكم الروح القدس (14: 26)، وهنا يقول إنه هو الذي سيرسله، مما يدل على الاتحاد والتوافق بين الابن والآب.


16- قال المسيح إن كل ما للآب هو له

فلقد قال المسيح لتلاميذه في عظة العلية:

«كل ما للآب هو لي» (يوحنا16: 15)،

ومرة ثانية قال في صلاته إلى أبيه:

«كل ما هو لي فهو لك، وما هو لك فهو لي» (يوحنا 17: 10).


حسنًا علَّق القديس لوثر على هذه الآية بالقول: ”قد يمكن لأي مؤمن أن يقول الجزء الأول من هذه الآية العظيمة: «كل ما هو لي فهو (للآب)»، ولكن من ذا الذي يقدر أن يضيف قائلاً: «وما هو (للآب) هو لي»؟“.

ونلاحظ أن المسيح لم يقل للآب كل ”من هو“ لي هو لك، ”ومن هو“ لك هو لي، بل قال: «كل, ما لك فهو لي». إن عبارة «كل ما للآب» تعني، ضمن ما تعني: أزلية الآب، وقداسته، وكماله، ومجده، وصفاته، وعرشه.

ثم إن هذه العبارة لا تعني مجرد معادلة ومساواة الابن بالآب، بل هي في الواقع تعني شيئًا أكثر من ذلك، إذ إنها تستلزم أيضًا الشركة والوحدة الكاملة في كل شيء، كقول المسيح: «أنا والآب واحد» (يوحنا10: 30) وهذا هو تعليم الكتاب المقدس بخصوص أقانيم اللاهوت. مساواة في الأقنومية ووحدة في الجوهر!


17- قال المسيح إنه صاحب المجد الأزلي

فلقد قال المسيح في صلاته لأبيه على مسمع من تلاميذه:

«والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك، بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم» (يوحنا17: 4و5).


ما أقوى هذه العبارة: «المجد الذي لي عندك قبل كون العالم»! إننا نتفق مع أحد الشراح الذي قال لو لم يكن لدينا سوى هذه الآية، تحدثنا عن لاهوت المسيح، لما أمكننا أن نطعن في لاهوته. فهي تقول لنا صراحة إن المسيح كان من الأزل مع الآب، وليس ذلك فقط، بل تحدثنا أن له مجدًا أزليًا يتمتع به مع الآب في الأزل! ونحن طبعًا لا يمكننا أن ندرك كنه هذا المجد الأزلي، فهو من ناحية غير معلن، ومن ناحية أخرى يفوق عقولنا المحدودة. ولكن ما لا نقدر أن نستوعبه ونفهمه، يمكننا أن نؤمن به ونسجد لأجله

«ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلاً: من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان؟» (متى16: 13).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alameertadros.ahlamontada.com
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 2089
تاريخ التسجيل : 09/09/2009

اين قال المسيح انا الله فاعبدونى ؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: اين قال المسيح انا الله فاعبدونى ؟   اين قال المسيح انا الله فاعبدونى ؟ Icon_minitimeالخميس فبراير 25, 2010 7:12 am

سنواصل الحديث في هذا الفصل عما قاله المسيح بفمه الكريم عن نفسه في البشائر المتماثلة (متى ومرقس ولوقا)، وسنتجاوز ما ورد من أدلة على لاهوت المسيح في سفر الأعمال وفي الرسائل، نظرًا لأننا لا نريد أن ننشغل الآن بأقوال الرسل الكثيرة عن سيدهم في هذه الأسفار، رغم أن شهادتهم لها تقديرها، لأن الرسل هم من عايشوا المسيح لمدة تزيد على ثلاث سنوات، ويعرفون عنه أكثر من يعرف غيرهم عنه؛ بل إننا سنقصر حديثنا فقط عن أقوال المسيح نفسه التي تبرهن أنه الله. ثم نذكر بعض الآيات من سفر الرؤيا، نظرا لأن هذا السفر هو ”إعلان يسوع المسيح“. وكلام المسيح فيه يرد دائما بصيغة المتكلم. وسنذكر بعضًا من هذه الآيات بحسب ترتيب ورودها في الكتاب المقدس.


1- قال المسيح: إنه هو الرب الديان

فلقد قال في المسيح موعظته من فوق الجبل، وهي أول مواعظه المسجلة له في الأناجيل:

«كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: ”يا رب يا رب: أ ليس باسمك تنبأنا؟ وباسمك أخرجنا شياطين؟ وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟“ حينئذ أصرح لهم إني ما أعرفكم» (متى7: 22).


تحتوي موعظة المسيح من فوق الجبل على العديد من البراهين على لاهوت المسيح. فمثلا في بداية الموعظة قدم المسيح مجموعة من التطويبات، ختمها بهذه التطويبة: «طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين. افرحوا وتهللوا لأن أجركم عظيم في السماوات. فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم» (متى5: 11، 12). والشيء اللافت هنا أن المسيح يقارن بين تلاميذه الذين يتألمون لأجله، والأنبياء في العهد القديم. لقد اضطهدوا الأنبياء في العهد القديم بسبب أمانتهم لله، والآن يقول المسيح لتلاميذه إنهم، في اتباعهم له، سيتعرضون للاضطهاد بسبب أمانتهم له، ويعدهم بأنه سيكون لهم ذات المكافأة التي للأنبياء. الدلالة واضحة هنا، فإن كان تلاميذ المسيح يُشَبَّهون بأنبياء الله، فهذا معناه أنه هو يُشَبِّه نفسه بالله. أو بكلمات أخرى، يعتبر نفسه أنه هو الله.

ثم في ختام العظة يقول المسيح: «من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها أشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر» (متى7: 24). يوضِّح المسيح هنا أن أساس الأمن والسلام في الحياة الحاضرة وفي الأبدية أيضًا هو الاستماع إلى كلامه. فمن يكون هذا؟

ثم في الأقوال السابقة للآية التي نتحدث فيها قال المسيح: «ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات». وهذا معناه أن هناك حسابًا لمن يقول له: ”يا رب“ دون أن يعيها، فكم بالحري لمن يرفض من الأساس أن يقولها!

وهذه الآية وردت في إنجيل لوقا هكذا: «ولماذا تدعونني يا رب يا رب، وأنتم لا تفعلون ما أقوله لكم» (لوقا 6: 46). ومن هذا نفهم أن المسيح لا يعتبر نفسه مجرد سيد يُقدَّر، بل إنه رب يُطاع.

وإن كانت الأقوال التي قالها المسيح في (ع21) تنطبق على الوقت الحاضر، فإن كلماته في (ع 22) تنطبق على يوم قادم. إن ”ذلك اليوم“ الذي يتحدث عنه المسيح في الآية السابقة، هو يوم الدينونة. إنهم سيقولون له، باعتبارهم المدانون، وهو سيصرح لهم، باعتباره الديان. وكلامه هو، وليس كلامهم هم، هو الفيصل في ذلك اليوم العصيب!

ثم نلاحظ أن هؤلاء الكثيرين من البشر سيقولون للمسيح الديان في ذلك اليوم: «يا رب يا رب». فالمسيح إذًا بحسب كلامه هنا، هو ”الرب“ وهو ”الديان“.

وفي هذا الاتجاه قال المسيح في عظة جبل الزيتون، إنه متى جاء في مجده وجميع الملائكة القديسون معه، سيجمع أمامه جميع الشعوب، ويقول للذين عن يمينه: «تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم , ثم يقول للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته. فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية» (متى 25: 31- 46). هذه الآيات تؤكد لنا أيضا أن المسيح هو الديان. ومن هذه الآيات نفهم أن مصائر جميع الشعوب سيحدده المسيح، وذلك عندما يأتي كالديان في مجده، ومعه لا جمهور كبير من الملائكة، بل جميع الملائكة. ويومها سيجتمع أمامه لا جنس واحد من البشر، ولا مجموعة محدودة، بل جميع الشعوب، وسيقوم هو باعتباره الديان بمحاسبتهم.

ترى من هو الديان الذي سيدين جميع البشر؟ قال إبراهيم في العهد القديم وهو يكلم الرب والمولى: «أ ديان كل الأرض لا يصنع عدلاً؟» (تكوين 18: 22و25). ويقول موسى النبي في العهد القديم: «الرب يدين شعبه» (تثنية32: 36)، وفي العهد الجديد يقول كاتب العبرانيين: «أتيتم, إلى الله ديان الجميع» (عبرانيين 12: 22و23).

وبحسب أقدم نبوة في الكتاب المقدس، وهي تلك التي نطق بها أخنوخ السابع من آدم، فإن الذي سيدين الجميع هو الرب، فلقد قال أخنوخ: «هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسييه ليصنع دينونة على الجميع، ويعاقب جميع فجارهم، على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها، وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاة فجار» (يهوذا14).

ومن هذا نفهم أن الرب الديان كان في ذات يوم محتقرًا ومخذولاً من الناس، ولذلك فقد تكلموا عليه الكلمات الصعبة. إنه هو الرب يسوع المسيح الذي رُفض لما كان هنا على الأرض، وما زال مرفوضًا من عدد كبير من البشر، لكنه مع ذلك سيأتي عن قريب باعتباره الرب الديَّان، وسيدين جميع البشر!


2- قال المسيح: إنه المُعين، ومريح كل المتعبين

ففي متى 11: 28 يقول المسيح: «تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم»


فإذا كان المسيح، في المستقبل - كما ذكرنا لتونا – هو الديان، فإنه في الحاضر هو المستعان!

والمسيح قبل أن يذكر هذه الآية العظيمة، فإنه ذكر في الآيات السابقة أمجادًا ثلاثية عن نفسه تؤكد لاهوته. وهذه الأمجاد الثلاثية هي:

أن ”الآب قد دفع كل شيء إلى يديه“.

أن ”لا أحد البتة – سوى الآب - يقدر أن يعرفه“،

أنه وحده يقدر أن ”يعلن الآب للبشر“.

وبدراسة هذه الأمجاد الثلاثية يتضح لنا عظمة شخصه المعبود، فليس سوى اللاهوت هو الذي يقدر أن يمسك بيديه كل شيء. ثم لماذا لا يقدر أحد أن يعرف شخصه الكريم سوى الآب؟ السبب في ذلك هو اتحاد اللاهوت والناسوت في شخص المسيح، وبالتالي فإنه فوق مدارك البشر. وأخيرًا ليس سواه من يقدر أن يعلن الآب، فالله ساكن في نور لا يدنى منه، وأما المسيح فإنه واحد مع الآب، ساكنًا في حضنه. «الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر» (يوحنا1: 18). وكون لا أحد يعرف الآب إلا الابن، فهذا معناه أن الابن ليس مجرد أحد. وحقًا إنه لا يقدر أن يعلن الله إلا الله.

بعد ذلك تحدث المسيح عن نفسه باعتباره مسدد احتياجات البشر الملحة، فأعلن أنه المريح، الذي بوسعه لا أن يريح شخصًا أو مجموعة من الأشخاص، بل يريح جميع التعابى، فيقول:

«تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم» (ع28).

من ذا يستطيع أن يدعو جميع التعابى الذين في العالم كله ليأتوا إليه، ويعدهم إنه سيعطيهم الراحة، إلا الله؟

إننا عندما نسمعه يقول «تعالوا إليّ»، ويعد من يأتي إليه بالراحة، كأننا نستمع إلى رجع الصدى من إعلان الله العجيب في العهد القديم وهو يقول: «التفتوا إليَّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض، لأني أنا الله وليس آخر» (إشعياء45: 22)؟


3- قال المسيح إنه رب السبت:

فلقد قال لليهود:

«إن ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا» (متى12: Cool.


والمسيح في الأصحاح نفسه الذي يذكر فيه أنه رب السبت، يؤكد أنه أعظم من يونان النبي (ع 41)، وأعظم من سليمان الملك (ع 42)، بل إنه قال أيضًا: إنه أعظم من الهيكل (ع 6). من هو هذا الذي ليس فقط أعظم من نبي أو من ملك، بل أعظم من هيكل الله نفسه، بنظامه وعبادته، بذبائحه وكهنوته؟ وإن لم يكن هو الله فمن يكون؟

لكن المسيح لم يذكر فقط إنه أعظم من الهيكل، بل قال إنه ”رب السبت أيضًا“. وهذا القول يتضمن الإعلان عن لاهوته. فلو عرفنا ماذا قال الرب في العهد القديم عن يوم السبت، لأمكننا أن نفهم بصورة أفضل معنى قول المسيح إنه ”رب السبت“.

لقد قال الله لموسى في خروج31: 13و17 «وَأَنْتَ تُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: سُبُوتِي تَحْفَظُونَهَا لأَنَّهُ عَلاَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فِي أَجْيَالِكُمْ , هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلاَمَةٌ إِلَى الأَبَد». فأن يقول المسيح إنه ”رب السبت“ أيضًا، فهذا معناه أنه هو الرب ”يهوه“ الذي تكلم قديمًا إلى موسى، والذي أمر الشعب قديمًا بحفظ السبوت. فواضح أنه لا يجرؤ نبي أن يعتبر نفسه ”رب السبت“ بعد أن قال الرب عن السبوت إنها سبوته (ارجع إلى خروج31: 13؛ لاويين19: 3و 30؛ 26: 2؛ حزقيال 20: 12و 20؛ 44: 24).

لقد أوضح المسيح أنه في عمله هو أعظم من الهيكل، إذ يقدم علاجًا كاملاً للخطية، لكنه في مجد شخصه هو أعظم من السبت، بل هو رب السبت أيضًا.


4- قال المسيح إنه موجود في كل مكان.

فلقد قال المسيح لتلاميذه:

«لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم» (متى 18: 20).


كيف يمكن للمسيح أن يوجد في وسط كل اجتماع يوجد فيه اثنان أو ثلاثة مجتمعون إلى اسمه؟ أ ليس هذا دليلاً على أنه الرب الذي يملأ الكل؟ وفي ما بعد أوضح الرسول بولس أن المسيح «يملأ الكل في الكل» (أفسس1: 23؛ 4: 10).

وهناك عبارة نطق بها المسيح توضح كيف أنه يملأ الكل، فلقد قال لنيقوديموس: «وليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء» (يوحنا3: 13). لقد كان المسيح يتكلم مع نيقوديموس في أورشليم، لكنه يعلن أن السماء لا تخلو منه. فهو موجود على الأرض وموجود أيضًا في السماء. وهذه واحدة من الخصائص الإلهية، فالله وحده يملأ السماء والأرض، كقول الرب لإرميا: «أ ما أملأ أنا السماوات والأرض يقول الرب؟» (إرميا23: 24).

ونلاحظ أن المسيح الذي كان يتكلم مع نيقوديموس، كان بناسوته في أورشليم، وبلاهوته هو يملأ السماء والأرض. واتحاد الطبيعتين - اللاهوتية والناسوتية - في شخص المسيح، هو فوق المدارك البشرية.


5- قال المسيح إنه رب داود.

فلقد سأل الفريسيين:

«ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ فقالوا ابن داود. فقال لهم يسوع: فكيف يدعوه داود بالروح ربًا قائلا: قال الرب لربي حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك؟ فإن كان هو ابنه فكيف يكون ربه؟» (متى22: 42-45).


لقد قُدِمت في هذا الفصل (متى 22) أسئلة كثيرة: سؤال عن الجزية التي تُعطى لقيصر، وسؤال عن الزواج في العالم الآتي، وسؤال عن الناموس ووصيته العظمى، ولقد أجاب المسيح عنها كلها إجابات رائعة، ولكنه هنا يوجه السامعين إلى السؤال الأكثر أهمية. «ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟»

والمسيح - كما يعلن الوحي - هو ابن داود، ولكنه ليس مجرد ابن لداود، وإلا لاستحال أن يدعوه داود ربًا. إنه ابن داود بالجسد، ولكنه في الوقت نفسه هو رب داود بلاهوته. ونحن نعرف أن الفريسيين واليهود لم يستطيعوا الإجابة عن سؤال المسيح الذي تركه معهم ليفكروا فيه. وهم إلى الآن، وبعد نحو ألفي عام لم يصلوا إلى الإجابة عنه.

ومن الجميل أن يقول المسيح إن داود دعاه بالروح ربًا، فليس أحد يقدر أن يقول ”يسوع رب“ إلا بالروح القدس (1كورنثوس12: 3). ولهذا فقد دعته أليصابات، وهو ما زال جنينا في بطن أمه: ”ربي“. قالت هذا وهي ممتلئة من الروح القدس (لوقا1: 43). وقال توما له بعد قيامته من الأموات: ”ربي وإلهي“ (يوحنا20: 28)، وقالها الرسول بولس عنه بعد صعوده إلى السماء (فيلبي 3: Cool، ويخبرنا الوحي أنه سيأتي الوقت الذي فيه سيقول كل لسان أن يسوع رب (فيلبي 2: 11).

وللأسف يعلق البشير متى قائلا: «من ذلك الوقت لم يتجاسر الفريسيون أن يسألوه شيئًا» (ع46). إنهم لم يستطيعوا الرد على منطقه الواضح وحجته القاطعة، لكنهم بدلاً من الإيمان به والانحناء بالسجود له، باعتباره ربهم أيضًا، كما هو رب داود، فإنهم فضلوا أن يمضوا في عماهم وظلام فكرهم باقي عمرهم وإلى أبد الآبدين!


6- قال المسيح إنه هو الذي يرسل الأنبياء.

فلقد قال في عظة الويلات:

«لِذَلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ» (متى 23: 34)


لقد قال المسيح هذه الكلمات لليهود، قبيل صلبه بأيام أو ساعات معدودة، قال إنه سيرسل إليهم أنبياء وحكماء وكتبة. فمتى أرسلهم؟ يقينًا أرسلهم بعد قيامته من الأموات، وصعوده فوق جميع السماوات.

هذه الأقوال تؤكد أن المسيح ليس مجرد نبي ولا مجرد رسول، بل إنه هو الذي يرسل الرسل والأنبياء. وعليه فإن من يظن أن المسيح مجرد رسول أو نبي، يكون قد فاته مدلول هذه العبارة العظمى. فمن الذي يرسل الأنبياء والحكماء؟ أليس هو الله؟ (ارجع إلى إشعياء 6: 8؛ يوحنا1: 6). إذًا قول المسيح هنا يتضمن أنه هو بنفسه الرب ”إله الأنبياء القديسين“ (رؤيا22: 6). ولقد تمم المسيح كلامه هنا بعد قيامته من الأموات وصعوده إلى السماوات، حيث أرسل إلى تلك الأمة العاصية أنبياء وحكماء وكتبة.

وفي هذا الصدد يقول المسيح أيضًا في موعظة جبل الزيتون هذا القول المبارك والمحمل بالمعاني «تظهر علامة ابن الإنسان ,. فيبصرون ابن الإنسان ,. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه» (متى 24: 31). هذا معناه أن الملائكة هم ملائكة ابن الإنسان، وأنه يملك السلطان على إرسالهم، وكذلك فإن المختارين هم مختاروه. فهذا الذي اتضع وافتقر لم يكن، كما نفهم من الأصحاح الأول في هذه البشارة سوى ”عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا“ (1: 23).


7- قال المسيح أن كلامه لا يزول

فلقد قال المسيح في موعظة جبل الزيتون:

«السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول» (متى 24: 35).


ونحن نعرف أنه بعض الدكتاتوريين كانوا يفرضون على الناس أقوالهم، وربما قال مغرور من هؤلاء إن كلامه لا يزول. ولكن ماذا بعد موت هؤلاء؟ يقول المرنم: «تخرج روحه فيعود إلى ترابه. في ذلك اليوم نفسه تهلك أفكاره» (مزمور146: 4). نعم ليس الإنسان - كائنًا من كان - هو الذي كلامه لا يزول، بل الله، كقول المرنم: «إلى الأبد يا رب كلمتك مثبتة في السماوات» (مز119: 89).

ولقد كان الأنبياء دائمًا يبدأون نبواتهم بالقول: «هكذا قال الرب». ولكن المسيح ليس كذلك، بل إنه يقول هنا: «كلامي لا يزول»!

ومن الجميل أن نذكر أن المسيح قال هذا الكلام قبيل آلامه وموته بساعات معدودة. وكانت الأيام التالية ستحمل الكثير من المفاجآت غير السارة لتلاميذه، ومع ذلك فقد ثبت أن كل ما قاله المسيح تم، وتم حرفيًا.

إن طريقة موته تمت كما قال، فمات فوق الصليب (قارن يوحنا18: 32، مع يوحنا 12: 33). لقد كان قصد قادة اليهود الأشرار أنه بموته فوق الصليب، وهي ميتة اللعنة والعار، ستنتهي إلى الأبد شعبيته (ارجع إلى مزمور41: 5)، ولكن العجيب أن العكس هو ما حصل، وبعد نحو خمسين يومًا بدأت الكرازة به، وآمن في عظة واحدة ثلاثة آلاف نفس، وما زال هذا يحدث يوميًا في كل بقاع العالم. هناك ملايين لم تكن لهم به أية علاقة، والبعض كان ينكره ويبغضه، لكن الصليب غيرهم فأحبوه وعبدوه، وذلك إتمامًا لقوله: «وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلي الجميع» (يوحنا12: 32). ولقد قال أيضًا إنه سيقوم في اليوم الثالث. وهو ما حدث فعلا، فعندما ذهبت المرأتان إلى القبر في فجر أول الأسبوع، وجدن الحجر مدحرجا عن باب القبر، وسمعن صوت ملاك السماء يقول لهما: «إني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب، ليس هو ههنا لأنه قد قام كما قال» (متى 28: 5، 6). ولقد ظهر لتلاميذه في الجليل كما قال أيضًا (متى 26: 32؛ 28: 7). وقال إن الهيكل سيدمر تمامًا، بحيث لا يترك حجر على حجر فيه إلا وينقض، وحدد المدة قائلاً: «الحق أقول لكم: لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله» (متى 24: 2، 34). وهو ما تم فعلاً، ويخبرنا التاريخ أنه رغم تعليمات تيطس القائد الروماني بعدم المساس بمبنى الهيكل، والإبقاء عليه كأثر تاريخي، إلا أن كلام المسيح، وليس كلام تيطس، هو الذي تم.

وقبل ذلك كان قد قال: «على هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها» (متى 16: 18) وهو ما تشهد به القرون العشرون الماضية. فكم حاولت معاول الهدم أن تهدم كنيسة المسيح، ولكن طاش سهمهم! واتضح أن كلام المسيح هو أشد ثباتًا من السماوات بقوانينها الثابتة، وأكثر رسوخا من الأرض بجبالها الراسخة.

إذا فكلام المسيح أبدي وإلهي، معصوم وصادق. إن كلامه له ذات صفات كلام الله، لأنه هو الله.


8- قال إنه صاحب كل سلطان في السماء وعلى الأرض:

فلقد قال المسيح لتلاميذه بعد القيامة:

«دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض» (مت28: 18).


من هو هذا الذي له كل السلطان في السماء وعلى الأرض؟ أ يمكن أن يكون مجرد مخلوق محدود، ويُسَلم له كل السلطان لا في الأرض فقط، بل في السماء أيضًا، حيث مسكن الله؟

أ يمكن أن يكون هذا الشخص صاحب السلطان المطلق في الأرض وفي السماء شخص آخر غير الله؟

قال أحد المفسرين: ”أن يُعطى مجرد مخلوق، مهما سما، كل السلطان في السماء وعلى الأرض، هو تعليم أكثر صعوبة بما لا يقاس، من التقرير بأن المسيح هو الله. فإن العبارة الأولى تتضمن فكرين متنافرين ولا يمكن جمعهما معًا على الإطلاق“.


9- المسيح قال إنه واحد مع الآب والروح القدس:

فلقد قال المسيح أيضًا لتلاميذه بعد قيامته من الأموات:

«اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس» (متى 28: 20).


وعبارة «عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس» تتضمن تعليمًا عظيمًا، يعتبر قمة الإعلان في الإيمان المسيحي، أعني به وحدانية الله، وثالوث أقانيمه. فالله واحد، لكن وحدانيته ليست مطلقة ولا مجردة بل جامعة مانعة. ولذلك فقد قال لتلاميذه هنا: «اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآ ب والابن والروح القدس». إنه لا يقول: ”عمدوهم باسم الله“، فهذا هو الإيمان اليهودي غير الكامل، ولا يقول عمدوهم بأسماء الآب والابن والروح القدس، كأن هناك أكثر من إله واحد، فتعدد الآلهة هو مفهوم وثني، وهو مفهوم خاطئ وفاسد، بل يقول: «عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس». هذا هو التعليم العظيم الذي يُميِّز المسيحية عن كل من الوثنية واليهودية؛ فالأولى تعلم بتعدد الآلهة، والثانية تعلم بوحدانية مجردة مطلقة، وأما المسيحية فتعلم بوحدانية جامعة مانعة، تجعل الله الواحد ليس في حاجة إلى خليقته ليمارس معها صفاته الأصيلة. فالله واحد في جوهره، لكنه ثالوث في أقانيمه. لذلك قال المسيح لتلاميذه، عندما يتلمذون الأمم، أن يعمدوهم ”باسم الآب والابن والروح القدس“.

ولقد تم هذا الإعلان عن الله في المسيحية، ففي اليهودية لم يكن قد جاء بعد وقت الإعلان الكامل عن الله، حيث يقول البشير يوحنا: «الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر» (يوحنا1: 18).

لقد أعلن الكتاب المقدس حقيقة الوحدانية والتثليث معًا، فالله واحد في ثالوث وثالوث في واحد. الجوهر واحد، ولكن التعينات (أو الأقانيم) ثلاثة. وهذا الأمر، وإن كان يسمو على العقل، لكنه ليس ضد العقل.


10- قال المسيح إنه الموجود دائما أبدًا

فلقد قال لتلاميذه:

«وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» (متى 28: 20)


في متى 18: 20 يتحدث المسيح عن وجوده في كل مكان، والآن في متى 28: 20 يشير المسيح إلى وجوده في كل زمان.

من ذا الذي يملأ الزمان والمكان سوى الله كلي التواجد. فأن يعد المسيح تلاميذه بأنه معهم كل الأيام، إلى انقضاء الدهر، فهذا معناه أن «يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم وإلى الأبد» (عبرانيين 13: Cool.

ومن هذا فإننا نرى أن الأقوال الختامية لإنجيل متى تحمل لنا أدلة متنوعة على لاهوت المسيح، فيذكر أولاً أنه موضوع سجود الأتقياء، إذ يقول عن تلاميذه إنهم لما رأوه سجدوا له. وثانيًا: أنه كلي السلطان، ليس في السماء فقط ولا على الأرض فحسب، بل في السماء وعلى الأرض، وهذه أيضًا واحدة من خصائص الله. وثالثًا: هو كلي التواجد، لا يخلو منه زمان ولا مكان، إذ قال لتلاميذه: «أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر»، ونعلم أن هذه أيضًا واحدة من الخصائص الإلهية. فليس ملاك ولا إنسان يقال عنه إنه موجود في كل مكان وكل زمان.

ومن الجميل أن إنجيل متى يبدأ بمولد ابن العذراء الذي دُعي «اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا» (متى 1: 23)، ويختم الإنجيل بقول عمانوئيل نفسه إنه مع تلاميذه كل الأيام إلى انقضاء الدهر!


11- قال المسيح: إنه الرب:

فالمسيح بعد أن خلص مجنون كورة الجدريين قال له:

«اذهب إلى بيتك وإلى أهلك واخبرهم كم صنع الرب بك ورحمك» (مرقس 5: 19).


ترى كيف فهم الرجل الذي شفاه المسيح هذا التعبير: «أخبرهم كم صنع بك الرب، ورحمك»؟ من هو الرب الذي أنقذ هذا المجنون من الشياطين التي كانت تسكنه؟

نرى الإجابة على ذلك من كلمات البشير مرقس التي تلت عبارة المسيح هذه: «أما هو (أي الرجل الذي كان مجنونًا ورحمه الرب وشفاه) فمضى ونادى في العشر المدن كم صنع به يسوع». وهذا معناه أن يسوع الذي خلص الرجل من الشياطين، هو الرب. ونحن نعرف أن هذا هو التعبير الذي ارتبط بالنسيح من يوم مولده، عندما قال ملاك السماء للرعاة: «ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب». فلم يكن يسوع هذا مجرد مسيح، ولا مجرد رب، بل هو ”المسيح الرب“.

وفي العهد الجديد بعد قيامة المسيح وصعوده، اربتط لقب الرب بأقنوم الابن، واستخدم فيما ندر عن الآب أو الروح القدس، لكنه استخدم عن الابن حوالي 650 مرة!


12- قال المسيح: إنه ”ابن الله“:

ففي محاكمة المسيح أمام رئيس الكهنة يقول الوحي

«قال يسوع: أنا هو (المسيح ابن المبارك)» (مرقس14: 62).


في محاكمة المسيح أمام قيافا رئيس الكهنة، طرح رئيس الكهنة سؤالاً محددًا، ليجيب المسيح عنه بنعم أو لا، إن كان هو ”ابن الله“، فأجابه المسيح قائلاً له: «أنا هو». فكانت النتيجة أن «مزق رئيس الكهنة ثيابه وقال: ما حاجتنا بعد إلى شهود؟ قد سمعتم التجاديف. ما رأيكم؟ فالجميع حكموا عليه أنه مستوجب الموت»

هذه الكلمة ابن الله تعني في مفهوم اليهود أنه المعادل لله (يوحنا5: 18)، ولقد فهموها هم بهذا المعنى، والرب لم يصحح لهم مفهومهم، ولو أنهم بكل أسف – في عمى عدم الإيمان - رفضوا الإيمان بهذه الحقيقة، وصلبوه باعتباره مجدفًا لأنه قال ذلك عن نفسه.

هذا التعبير الذي أثار حنق رئيس الكهنة الشرير هو وبطانته، ورد عن المسيح في العهد الجديد ما لا يقل عن خمسين مرة. ومع أن المسيح بصفة عامة لم يشر إلى شخصه أنه ابن الله، إلا فيما ندر، ومع ذلك فقد عرفه الكثيرون كذلك، إذ لاحظوا عظمة شخصه وسمو أمجاده.

مرة قال عن نفسه لليهود: «فالذي قدسه الآب، وأرسله إلى العالم، أ تقولون له إنك تجدف، لأني قلت إني ابن الله؟» (يوحنا10: 36). وفي مناسبة أخرى قال لليهود: «أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل. فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه، لأنه لم ينقض السبت فقط، بل قال أيضًا إن الله أبوه، معادلاً نفسه بالله» (يوحنا5: 17، 18).

ومرة أخرى سأل الرب تلاميذه قائلاً: «من يقول الناس عني إني أنا ابن الإنسان؟». ومن ردود التلاميذ نفهم أن البشر قالوا عن المسيح كلامًا حسنًا، في مجمله أنه ”واحد من الأنبياء“، لكن المسيح لم تسره هذه الإجابة، وكأنه كان ينتظر شيئًا أفضل بعد كل ما عمله بينهم. لذلك فإنه سأل تلاميذه: «وأنتم من تقولون إني أنا هو؟»، فأجابه بطرس قائلاً: «أنت هو المسيح ابن الله الحي». والرب طوَّب بطرسا لأن الآب أعلن هذا له، مما يدل على أن هذا الإعلان: ”المسيح ابن الله الحي“ يختلف تمامًا عما وصل إليه باقي الناس من أن المسيح ”هو واحد من الأنبياء“، وإلا فعلامَ كان التطويب لبطرس؟

ونحن نلاحظ أن المسيح لم يندهش لإجابة بطرس السابقة، وكأنه يفاجأ بها، ولا طرب لها وكأنها تكريم لم يكن يتوقعه، ولا هو اعترض عليها، بل إنه بكل بساطة طوَّب صاحبها قائلاً له: «إن لحمًا ودمًا لم يعلن لك، لكن أبي الذي في السماوات» (متى16: 17). مما يدل على أن هذه المعرفة عن المسيح يلزمها إعلان من الله الآب مباشرة.

والذين شهدوا في الوحي بأن المسيح هو ابن الله كثيرون. نكتفي بالإشارة إلى سبع شهادات:

· فالآب شهد له بأنه ابنه، وفعل ذلك 7 مرات (متى3: 17؛ 17: 5؛ مرقس 1: 11؛ 9: 7؛ لو3: 22؛ 9: 35؛ 2بط1: 17).

· والروح القدس شهد عنه كذلك (مرقس1:1)،

· وهو قال كذلك عن نفسه سواء قبل الصليب (يوحنا9: 35؛ 10: 36)، أو بعد القيامة (رؤيا2: 18).

· والملاك جبرائيل في بشارته للمطوبة العذراء قال ذلك (لوقا1: 35و 36).

· وحتى الشياطين عرفته كذلك (مرقس5: 7).

· والتلاميذ أقروا بهذا الأمر أكثر من مرة (متى 14: 33؛ 16: 16؛ يوحنا 1: 34و 49؛ 11: 27)،

· بل وحتى الغرباء عرفوا ذلك واعترفوا به، كما حدث مثلاً من قائد المئة الأممي الذي كان عند الصليب، الذي لما رأى أعاجيب الجلجثة قال: «حقًا كان هذا ابن الله» (متى27: 54؛ مرقس15: 39).


13- قال المسيح إنه المخلص الوحيد.

فلقد قال لتلميذيه يعقوب ويوحنا:

«لستما تعلمان من أي روح أنتما لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص» (لوقا9: 55، 56).

كما قال أيضًا:

«لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك» (لوقا19: 10).

وقال أيضًا لليهود:

«أنا هو الباب. إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعي» (يوحنا10: 9)


يوضِّح المسيح في الأقوال السابقة أنه ليس إحدى طرق الخلاص، بل هو الطريق الوحيدة له. ولهذا فإنه هنا يقول إنه ”الباب“، بمعنى أنه الباب الوحيد للخلاص. وفي مكان آخر قال المسيح لتلاميذه: «أنا هو الطريق والحق والحياة، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي» (يوحنا14: 6).

ونحن نعرف من العهد القديم أن المخلص الوحيد هو الله. فيقول المرنم: «لا تتكلوا على الرؤساء، ولا على ابن آدم، حيث لا خلاص عنده» (مزمور 146: 3). كما قال الله على لسان نبيه إشعياء: «أ ليس أنا الرب ولا إله آخر غيري؟ إله بار ومخلص، ليس سواي. التفتوا إليَّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض، لأني أنا الله وليس آخر» (إشعياء45: 21، 22). كما قال النبي يونان: «للرب الخلاص» (يونان 2: 9). ويقول الرسول بطرس عنه «ليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص» (أعمال 4: 12).

لو كان المسيح مجرد نبي ما كان يمكنه مطلقًا أن يكون الطريق الوحيدة للخلاص، بل في هذه الحالة يكون إحدى طرق الله لخلاص البشر. أما أن يكون هو الطريق الوحيد للخلاص، فليس لهذا من تفسير معقول سوى أنه ليس نبيًا، من الأنبياء الذين أتوا ورحلوا، بل هو الله، إذ هو ”المخلص الوحيد“.


14- قال المسيح إنه هو الأول والآخر. البداية والنهاية. الألف والياء.

فلقد قال لعبده يوحنا في سفر الرؤيا:

«لا تخف أنا هو الأول والآخر» (رؤيا1: 17)؛

وقال لملاك كنيسة سميرنا:

«هذا يقوله الأول والآخر. الذي كان ميتًا فعاش» (رؤيا2: Cool؛

ومرة أخرى:

«قال لي قد تم. أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية. أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا» (رؤيا21: 5و6)

كما قال أيضًا:

«وها أنا آتي سريعا وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله. أنا الألف والياء، البداية والنهاية، الأول والآخر» (رؤيا22: 12و13)


لقد قال الرب هذا ليوحنا «أنا هو الأول والآخر»، عندما سقط يوحنا عند رجليه كميت. ونحن نجد في العهد القديم تأثيرًا مشابهًا لهذا حدث في ظهورات إلهية سابقة، مع إبراهيم (تكوين17: 3)، ومنوح (قضاة13: 20)؛ وحزقيال (حزقيال3: 23؛ 43: 3؛ 44: 4)، ودانيآل (دانيال8: 17؛ 10: 8، 9، 15-17).

لكن، إن كان - من جانب يوحنا – حدث الخوف والفزع، فمن جانب المسيح أتت تلك الإعلانات السامية عن شخصه، مستخدمًا التعبيرات الخاصة بالله دون سواه. فمن سوى الله يمكن أن يكون «الأول والآخر، البداية والنهاية، الألف والياء». هذا التعبير لا يرد في كل الكتاب سوى في نبوة إشعياء، ويرد فيها ثلاث مرات (في ص41: 4؛ 44: 6؛ 48: 12) كلها عن الرب (يهوه) مما يدل على أن هذا التعبير إلهي. فالله هو وحده – كما عبَّر إشعياء في الآية الأولى (41: 4) الذي يقف خارج التاريخ، خارج تاريخ الفداء (إشعياء 44: 6)، وخارج تاريخ الخليقة (إشعياء48: 12). إن الزمان ضيف عليه! هو الأول ولا شيء قبله. هو علة كل شيء وليس له علة. ثم إنه هو الآخر، وليس بعده شيء، هو المآل لكل خليقته. وعندما يكرر الوحي هذا الفكر ثلاث مرات: الأول والآخر، البداية والنهاية، الألف والياء، فإن هذا لا يمكن أن ينطبق إلا على الله وحده.

لقد قيل أيضًا عن المسيح بحسب كولوسي 1: 17 «إنه قبل كل شي، وفيه يقوم الكل». كل شيء يستمد الأصل منه، وكل شيء يستمد الوجود منه. وإليه يؤول كل شيء. إنه الأول في كل مجال، وهو الآخر لكل مدى. هو يحتوي الكل، وخارجه لا يوجد سوى العدم. إنه تعبير يدل على الأولوية الكاملة والتفوق المطلق.

وعليه فإنه في ضوء الإعلان الصريح عن الله باعتباره ”الأول والآخر“، وعن المسيح باعتباره ”الأول والآخر“، يتضح على الفور أن المسيح قال عن نفسه صراحة أنه هو الله.

من جهة الزمان هو الأول، ومن جهة الأبدية هو الآخر. بكلمات أخرى هو أزلي أبدي. أو بكلمات أخرى هو الكائن بذاته والواجب الوجود.


15- قال المسيح إنه هو الحي إلى أبد الآبدين.

قال المسيح عن نفسه ليوحنا في جزيرة بطمس إنه

«الحي. وكنت ميتًا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين» (رؤيا1: 18)


في الآية السابقة كان الرب قد قال ليوحنا: «أنا هو الأول والآخر». والآن يضيف له أنا ”الحي“، وأيضا ”أنا حي إلى أبد الآبدين“. فالله يسمى في الكتاب المقدس بأنه الحي. بينما الكل عداه أموات. قال اليهود للمسيح عن إبراهيم وعن باقي الأنبياء: «ألعلك أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات، والأنبياء ماتوا جميعًا». نعم كل الأنبياء ماتوا لأنهم بشر، أما الله فلا يموت. وهنا يقول المسيح عن نفسه إنه هو الحي. بل هو الذي قيل عنه: «فيه كانت الحياة» (يوحنا1: 4).

ويرد التعبير ”الله الحي“ في الكتاب المقدس 28 مرة. 14 مرة في العهد القديم و14 مرة في العهد الجديد، منها ست مرات في سفر الرؤيا (1: 18؛ 4: 9، 10؛ 5: 14؛ 10: 6؛ 15: 7). ويقول الكتاب المقدس عن الله إنه «وحده له عدم الموت». لكن ها إنسان مات، ولكنه قام أيضًا، لأنه بلغة الرسول بطرس هو ”رئيس الحياة“ (أعمال3: 15). وعندما مات لم يمت لأن هذا كان حقًا عليه كما على كل إنسان، بل كان موته اختياريًا، كما كان موتًا كفاريًا عن الجنس البشري كله. وهذا الشخص يقول عن نفسه إنه «حي إلى أبد الآبدين». وتعبير ”أبد ألابدين“ كما ورد في اللغة اليونانية، هو أقوى تعبير في اللغة للدلالة على عدم نهاية الزمن. فكيف يكون هذا؟ أ ليس ببساطة لأنه ليس مجرد إنسان، بل هو الله وإنسان في آن واحد معًا؟


16- قال المسيح إن له مفاتيح الموت والهاوية

ففي الآية السابقة استطرد المسيح متحدثًا إلى يوحنا فقال له:

«ولي مفاتيح الهاوية والموت» (رؤيا1: 18).


يستطرد المسيح مع يوحنا في جزيرة بطمس، بعد كلامع السابق له، قائلاً: «ولي مفاتيح الهاوية والموت». وهذا التعبير يدل على أن المسيح هو المهيمن المطلق على أجساد وأنفس الجميع. السلطان الذي كان الشيطان به يرعب الإنسان، بسبب خطيته، ولكن ها قد أتى الفادي الذي أمكنه أن يعتق الإنسان من تلك العبودية القاسية.

ونحن نتساءل من ذا الذي يملك مفاتيح الحياة والموت؟ أ ليس هو بعينه الذي قال عن نفسه: «دفع إليَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض» (متى28: 18). وإن لم يكن صاحب هذا السطان هو الله، فمن يكون؟


17- قال المسيح أنا فاحص القلوب

فهو قال لملاك كنيسة ثياتيرا: «فستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكلى والقلوب، وسأعطي كل واحد منكم بحسب أعماله» (رؤيا2: 23).


يقال هذا التعبر عن الرب يهوه أكثر من مرة في نبوة إرميا. فلقد قال: «القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه؟» ويجيب: «أنا الرب فاحص القلوب ومختبر الكلى» (إرميا17: 10 انظر أيضا ص11: 20؛ 20: 12)، بمعنى أنه لا يوجد من يعرف قلوب البشر إلا الله. وهو عين ما قاله سليمان الحكيم: «لأنك أنت وحدك عرفت أفكار جميع بني البشر» (1ملوك8: 39). ولا يوجد مطلقًا من يعلم ما في صدور الناس سوى الله «لأنه هو يعرف خفيات القلب» (مزمور44: 21). هذا مجد يخص الرب (يهوه) وحده دون سواه.

لكن المسيح هنا يقول إنه هو «فاحص الكلى والقلوب»، بمعنى إنه يعرف الأفكار والنيات، ويعلم أعماق الإنسان. يدرك الدوافع والأفكار، ويفحص العواطف الداخلية والرغبات في الأعماق. بكلمات أخرى هو الكلي العلم. كيف لا وهو الديان!

فعندما يؤكد المسيح إنه يعرف قلوب البشر جميعًا، مستخدما العبارة عينها التي استخدمها الرب يهوه عن نفسه في نبوة إرميا، أ فلا يكون المسيح بهذا قد قال عن نفسه إنه هو الله؟


18- قال المسيح إنه أصل داود (أي خالقه)

فلقد قال ليوحنا الرائي في ختام سفر الرؤيا:

«أنا أصل وذرية داود، كوكب الصبح المنير» (رؤيا22: 16).


والمقطع الأول من الآية السابقة ليس أحجية، بل إنه إجابة عن أحجية المسيح التي قالها كآخر سؤال وجهه لليهود قبل أن ينطق عليهم بمرثاته. عندما سألهم «ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ فقالوا ابن داود. فقال لهم يسوع: فكيف يدعوه داود بالروح ربًا قائلا: قال الرب لربي حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك؟ فإن كان هو ابنه فكيف يكون ربه؟» (متى22: 43-45).

لم يستطع الفريسيون واليهود الإجابة عن سؤال المسيح السابق. لكن اللغز الذي ورد في متى 22، نجد الإجابة عنه في رؤيا 22. فالمسيح كما أعلن هنا عن نفسه: ”أصل وذرية داود“. بلاهوته هو أصل داود أي هو خالقه، وبناسوته هو ذرية داود، لأنه ولد من مريم بنت داود.

هذه الآية تشبه كثيرا ما قاله النبي إشعياء عن المسيح: «ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت فرع من أصوله, في ذلك اليوم يكون أصل يسى راية للشعوب» (إشعياء 11: 1، 10). فالمسيح هو قضيب من جذع يسى بمقتضى ناسوته، وهو أصل يسى بمقتضى لاهوته. كما تشبه ما ورد عن المسيح في رومية 9: 5 فلقد قال الرسول عن المسيح: «منهم المسيح حسب الجسد (أي إنه من الشعب اليهودي، ولكنه أضاف في الحال القول) الكائن على الكل إلها مباركا إلى الأبد (أو بتعبير أكثر دقة ”الله المبارك إلى الأبد“)
لو قال عن نفسه إنه إله، لرجموه. ولو قال للناس اعبدوني لرجموه أيضاً، وانتهت رسالته قبل أن تبدأ .. إن الناس لا يحتملون مثل هذا الأمر. بل هو نفسه قال لتلاميذه "عندي كلام لأقوله لكم، ولكنكم لا تستطيعون أن تحتملون الآن" (يو16: 12)

لذلك لما قال للمفلوج "مغفورة لك خطاياك"، قالوا في قلوبهم "لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف؟! من يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده" (مر2: 6، 7). لذلك قال لهم السيد المسيح "لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم. أيهما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك، أم أن يقال قم أحمل سريرك وامش؟! ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا، قال للمفلوج: لك أقول قم، واحمل سريرك واذهب إلى بيتك. فقام للوقت وحمل السرير، وخرج قدام الكل حتى بُهت الجميع ومجدوا الله ... " (مر2: 8 ـ 12).

كذلك لما قال لليهود "أنا والآب واحد" تناولوا حجارة ليرجموه (يو10: 30، 31) متهمين إياه بالتجديف وقائلين له "فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً" (يو10: 33)

إذن ما كان ممكناً عملياً أن يقول لهم أنه إله، أو أن يقول لهم اعبدوني ولكن الذي حدث هو الآتي:

لم يقل أنه إله، ولكنه اتصف بصفات الله. ولم يقل اعبدوني، لكنه قبِل منهم العبادة.

والأمثلة على ذلك كثيرة جداً. ونحن في هذا المجال سوف لا نذكر ما قاله الإنجيليون الأربعة عن السيد المسيح، ولا ما ورد في رسائل الآباء الرسل، إنما سنورد فقط ما قاله السيد المسيح نفسه عن نفسه، حسب طلب صاحب السؤال. فنورد الأمثلة الآتية:

أولاً، نسب السيد المسيح لنفسه الوجود في كل مكان، وهي صفة من صفات الله وحده:

فقال "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20). والمسيحيون يجتمعون باسمه في كل أنحاء قارات الأرض.
إذن فهو يعلن عن وجوده في كل مكان.
كذلك قال "ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر" (مت 28: 20).
وهي عبارة تعطي نفس المعنى السابق.

وبينما قال هذا عن الأرض، قال للص التائب "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو23: 43).
إذن هو موجود في الفردوس، كما هو في كل الأرض.

وقال لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو3: 13). أي أنه في السماء، بينما كان يكلم نيقوديموس على الأرض ..

وبالنسبة إلى الأبرار قال إنه يسكن فيهم هو والآب (يو14: 23). أما عن الإنسان الخاطئ فقال إنه يقف على باب قلبه ويقرع حتى يفتح له (رؤ3: 20)

ونسب نفسه إلى السماء، منها خرج، وله فيها سلطان:

فقال "خرجت من عند الآب، وأتيت إلى العالم" (يو16: 28). وقال إنه يصعد إلى السماء حيث كان أولاً (يو6: 62). وفي سلطانه على السماء قلا لبطرس:
"وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات" (مت16: 19).
وقال لكل تلاميذه "كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء" (مت18: 18) .. وقال "دُفع إلىَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض" (مت28: 18)

ونسب إلى نفسه مجد الله نفسه:

فقال "إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته. وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله" (مت16: 27). وهو نسب لنفسه مجد الله، والدينونة التي هي عمل الله، والملائكة الذين هم ملائكة الله. وقال أيضاً أنه سيأتي "بمجده وفي مجد الآب" (لو9: 26). وقال أيضاً "من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي، كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبي في عرشه" (رؤ3: 21). هل يوجد أكثر من هذا أنه يجلس مع الله في عرشه؟!

كذلك تَقَبَّل من الناس الصلاة والعبادة والسجود:

قال عن يوم الدينونة "كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب، يا رب أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة" (مت7: 22). وقَبِلَ من توما أن يقول له "ربي وإلهي، ولم يوبخه على ذلك. بل قال له: "لأنك رأيتني يا توما آمنت. طوبى للذين آمنوا ولم يروا" (يو20: 27 ـ 29).

كذلك قبل سجود العبادة من المولود أعمى (يو9: 38)، ومن القائد يايرس (مر5: 22) ومن تلاميذه (مت 28: 17) .. ومن كثيرين غيرهم.

وقَبِلَ أن يُدعى رباً. وقال إنه رب السبت (مت12: Cool. والأمثلة كثيرة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alameertadros.ahlamontada.com
 
اين قال المسيح انا الله فاعبدونى ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حياة يسوع ؟ من هو يسوع المسيح هل هو الله
» صور دفن المسيح
» كيف اكون صداقة مع المسيح
» المسيح الحلو
» تألم المسيح

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الامير تادرس :: شـــــــــــــــنوديـــــــــــات :: منتدى الروحانيات :: كلمة الله تعمل مع مشاعرك-
انتقل الى: